للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحمل عليه؛ لأنه أليق بموضع الطهارة، أو هو مراد بالإجماع،

ــ

[البناية]

الطيب بالمنبت، تقرير الجواب أن الطيب مشترك بين الطاهر، والنظيف والحلال، والمنبت والطيب بمعنى الطاهر، فإن الطيب في اللغة خلاف الخبيث، أما بمعنى النظيف، فقال أبو إسحاق: الطيب النظيف، وأما بمعنى الحلال فقوله تعالى {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢] (البقرة: الآية ١٧٢) ، وأما بمعنى المنبت فقوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: ٥٨] (الأعراف: الآية ٥٨) ، والأكثر على أنه بمعنى الطاهر، وقد أريد به الطاهر بالإجماع؛ لأن الطهارة شرط فيه؛ لأن النجس لا يكون طهوراً، فإذا أريد به المعنى لا يراد غيره؛ لأن المشترك لا عموم له.

م: (فحمل عليه) ش: أي على معنى الطاهر م: (لأنه) ش: أي؛ لأن معنى الطاهر ها هنا م: (أليق بموضع الطهارة) ش: لأنه قال في آخر الآية {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦] ألا ترى أنه لو كان التراب المنبت نجسا لم يجز التيمم به إجماعاً، فعلم أن الإنبات ليس له أثر في هذا الباب.

فإن قلت: الطيب في الآية مقرون بالأرض، فيكون الإنبات أليق، إذ القرآن يفسر بعضه بعضاً.

قلت: آخر الآية يدل على أن المراد الطاهر؛ لأنه لو كان المراد منبتاً لكان قال موضع قوله {لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦] لتزرعوا؛ لأن الإنبات يناسب الزرع.

م: (أو هو مراد بالإجماع) ش: هذا دليل آخر على أن المراد من طَيّباً أن يكون طاهراً، تقريره أنه يحتمل المعاني المذكورة، والطاهر مراد بالإجماع كما ذكرنا آنفا، فإذا تعين أحد معاني المشترك للإرادة بطل الباقي؛ لأن المشترك لا عموم له.

فإن قلت: الشافعي قائل بعموم المشترك.

قلت: شرط فيه أن لا يمنع الجمع، وأن يتجرد اللفظ عن القرينة الصارفة إلى أحد المعاني، وها هنا لم يتجرد عن القرينة، على أن المراد الطاهر، ثم إن المصنف لم يجب عن قول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

فالجواب: عنه أن المطلق لا يقيد بخبر الواحد فكيف الأثر؟ وأيضاً المنقول عن ابن عباس أطيب الصعيد أرض الحرث، فهو يدل على جواز التيمم بغير الحرث؛ لأنه إذا كان أطيب الصعيد دل على أنه غير طيب، وهو المأمور به، ثم الاستدلال بهذا الأثر يدل.. أن لا يجوز التيمم بالسبخية. وذكر النووي أن السبخية هي التراب الذي فيه ملوحة ولا ينبت، والتيمم به جائز.

وحديث أبي جهم الأنصاري يرد أيضاً على الشافعي، وهو أنه قال: «أقبل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بئر جمل - موضع بالمدينة - فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أقبل إلى الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» رواه البخاري مسنداً ومسلم تعليقاً. قال الطحاوي: حيطان المدينة مبنية

<<  <  ج: ص:  >  >>