والمقصود التوثق، وبالثانية يزداد التوثق فلا يتنافيان. وأما الكفالة بالمال فجائزة، معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا، مثل أن يقول: تكفلت عنه بألف، أو بما لك عليه، أو بما يدركك في هذا البيع؛ لأن مبنى الكفالة على التوسع فيحتمل فيها الجهالة،
ــ
[البناية]
أيهم سلم الأصيل كتسليمهم.
وفي " الشافي ": ثلاثة كفلوا بألف طالب كل واحد بثلث الألف، وإن كفلوا على التعاقب يطالب كل واحد بالألف، كذا ذكره شمس الأئمة والمرغيناني والتمرتاشي، ومذهب الشافعي لا يتأتى هنا؛ لأن الكفالة بالنفس عنده لا تصح، كذا قاله الأترازي، وفي قول ابن أبي ليلى يرى الكفيل الأول م:(والمقصود) ش: من عقد الكفالة م: (التوثيق، وبالثانية) ش: أي وبالكفالة الثانية م: (يزداد التوثق فلا يتنافيان) ش: أي الكفالتان.
فإن قيل: لما أخذ الطالب والمطلوب وأخذ منه كفيلا فقد صار مستوفيا للنفس حين صارت في يده فلم لا يبرأ الكفيل الأول بمنزلة الكفيل بالدين إذا أخذ الطالب من المطلوب الدين برئ الكفيل.
قيل له: لأن الطالب إذا أخذ الدين لم يبق له حق، وهاهنا حقه باق وتسليم النفس إليه يحتاج إليه في كل وقت حتى يستخرج حقه، انتهى.
قلت: نفس السؤال دليل ابن أبي ليلى على قوله برئ الكفيل الأول، والجواب جواب عنه فافهم.
م:(وأما الكفالة بالمال) ش: لما قسم المصنف الكفالة على قسمين كفالة بالنفس وكفالة بالمال وبين الأول فشرع في بيان الثاني بقوله م: (فجائزة) ش: وهو جواب أما، وهذا لا خلاف فيه إذا كان المال معلوما، وأما إذا كان المال مجهولا فكذلك جائز عندنا، وهو معنى قوله م:(معلوما كان المكفول به أو مجهولا) ش: وقال الشافعي: لا يجوز إذا كان مجهولا، وصورة المعلوم مثل قوله تكفلت عنه بألف، وصورة المجهول مثل قوله: تكفلت عنه بمالك عليه. والآن بينه المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - ولكن فيه شرط عندنا، أشار إليه بقوله م:(إذا كان دينا صحيحا) ش: احترز به عن بدل الكتابة، ويجيء الآن أيضا م:(مثل أن يقول: تكفلت عنه بألف) ش: هذا صورة المعلوم م: (أو بما لك عليه) ش: أي أو قال: تكفلت عنه بما لك عليه، وهذا هو صورة المجهول م:(أو بما يدركك في هذا البيع) ش: أي أو يقول: تكفلت عنه بما يدركك من العوارض في هذا البيع م: (لأن مبنى الكفالة على التوسع) ش: لأنها تبرع ابتداء فلا يمنع صحتها الجهالة المستدركة اليسيرة م: (فيحتمل فيها) ش: أي في الكفالة م: (الجهالة) ش: أي جهالة المكفول به، وبقولنا قال مالك وأحمد والشافعي في القديم. وقال في الجديد: لا يصح ضمان المجهول وهو قول الليث والثوري وابن