للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاء الألف قبل أن يعطيه صاحب المال فليس له أن يرجع فيها؛ لأنه تعلق به حق القابض على احتمال قضائه الدين، فلا تجوز المطالبة ما بقي هذا الاحتمال. كمن عجل زكاته ودفعها إلى الساعي، ولأنه ملكه بالقبض على ما نذكر، بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة لأنه تمحض أمانة في يده. وإن ربح الكفيل فيه فهو له لا يتصدق به؛ لأنه ملكه حين قبضه، أما إذا قضى

ــ

[البناية]

م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره) ش: أي على الرجل بأمره، وهو المديون م: (فقضاه الألف) ش: أي فقضى الرجل الألف الكفيل م: (قبل أن يعطيه صاحب المال) ش: أي قبل أن يعطي الألف صاحب المال وهو منصوب على أنه مفعول ثان للإعطاء م: (فليس له) ش: أي للرجل المذكور وهو المكفول عنه م: (أن يرجع فيها) ش: أي في الألف على تأويل الدراهم م: (لأنه) ش: أي لأن الألف م: (تعلق به حق القابض) ش: وهو الكفيل م: (على احتمال قضائه الدين، فلا تجوز المطالبة ما بقي هذا الاحتمال) ش: يعني ما لم يبطل هذا الاحتمال بأداء الأصل بنفسه حق الطالب ليس له أن يسترده، لأن النفع الدفع إذا كان الفرض لا يجوز الاسترداد فيه ما دام باقيا كيلا يكون سعيا في نقض ما أوجبه.

وهذا م: (كمن عجل زكاته ودفعها إلى الساعي) ش: وهو المصدق الذي يتولى أخذ الزكاة فإنه ليس له أن يستردها، لأن الدفع كان لفرض، وهو أن يصير زكاته بعض الحول، فما دام الاحتمال ليس له الرجوع م: (ولأنه) ش: أي ولأن الكفيل م: (ملكه) ش: أي الألف م: (بالقبض) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه. وقال في وجه: لا يملكه وفي يده أمانة فيسترده قبل أداء الكفيل به، وبه قال مالك وأحمد -رحمهما الله- م: (على ما نذكر) ش: إشارة إلى قوله بعد خطين، أما إذا قضى الدين فظاهر إلى آخره.

م: (بخلاف ما إذا كان الدفع) ش: أي الدفع إلى الكفيل م: (على وجه الرسالة) ش: يعني يرجع الأصيل على الكفيل بالمدفوع إليه م: (لأنه تمحض أمانة في يده) ش: صورته أن يقول الأصيل للكفيل: خذ هذا المال، وادفع إلى الطالب، فإنه لا يصير ملكا للكفيل، بل هو أمانة في يده، ولكن لا يكون للمطلوب أن يسترده من يد الكفيل، لأنه تعلق بالمؤدى حق الطالب فالمطلوب بالاسترداد يريد إبطال ذلك فلا يقدر عليه، لكنه لم يملكه لكونه إصابة.

م: (وإن ربح الكفيل فيه) ش: أي في الألف المقبوض بأن تصرف فيه وربح م: (فهو له) ش: أي الربح له م: (لا يصدق به) ش: يعني لا يجب أن يتصدق به م: (لأنه ملكه حين قبضه) ش: والربح الحاصل من ملكه طيب له لا محالة، وإنما قلنا: إنه ملكه حين قبضه لأن قضاء الدين إما أن يحصل من الكفيل أو من الأصيل، فإن كان الأول فظاهر، وهو معنى قوله: م: (أما إذا قضى

<<  <  ج: ص:  >  >>