للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحكام الشرعية على وفاق المعاني اللغوية، والتوثق باختيار الأملأ والأحسن في القضاء، وإنما يجبر على القبول إذا فقد المحيل؛ لأنه يحتمل عود المطالبة إليه بالتوى فلم يكن متبرعا، قال: ولا يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوي حقه، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يرجع وإن توى؛ لأن البراءة قد حصلت مطلقة فلا يعود إلا بسبب جديد.

ــ

[البناية]

الشيء إلى الشيء لا يوجب فراغ الأول إلا أن يكون بشرط براءة الأصيل فتصير حوالة، لأنها في معنى الحوالة م: (والأحكام الشرعية على وفاق المعاني اللغوية) ش: يعني أن العمل بمعاني اللغات واجب في الأحكام الشرعية، فلما كان كذلك قلنا: إن الكفالة هي الضم لغة وهو لا يقتضي البراءة، والحوالة والنقل وهو يقتضي البراءة. واعترض بالحوالة بغير أمر المحيل، فإنها حوالة صحيحة كما مر ولا نقل فيها ولا تحويل، وهذا نقض إجمالي.

والجواب: أنا لا نسلم أن لا نقل فيها، فإنه بسداد الدين ظاهر متحقق، ولهذا لا يبقي على المحيل شيء.

م: (والتوثق) ش: جواب عن قول زفر أن الحوالة ليست مبرئة لأنها للتوثق. وتقرير الجواب: أن معنى التوثق ليس كما ذكره، بل معناه م: (باختيار الأملأ) ش: أي الأقدر على الإيفاء م: (والأحسن في القضاء) ش: حتى لا يماطل في قضاء الدين ويؤديه أجدر وأرجح مما كان، وهذا لا يدل على أن الحوالة ليست بمبرئة م: (وإنما يجبر على القبول) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، وهو أن في الحوالة لو كانت نقل كما أخبر الطالب المحيل إذا نقد المحيل لأنه حينئذ يكون متبرعا في قضاء الدين، والمتبرع لو قضى دين غيره لا يجبر الدائن على القبول، وتقرير الجواب أن يقال: إنما يجبر المحتال له على القبول، م: (إذا فقد المحيل، لأنه يحتمل عود المطالبة إليه) ش: أي إلى الدائن م: (بالتوى) ش: وسيجيء معناه عن قريب، لأنه إنما ينتقل إلى ذمة أخرى بشرط السلامة، فإذا توى يرجع، م: (فلم يكن) ش: أي المحيل م: (متبرعا) ش: يعني في القضاء.

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولم يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوي حقه) ش: هذا عطف على قوله برئ المحيل، يعني إذا تمت الحوالة بالقبول يرى المحيل ولم يرجع المحتال على المحيل بشيء إلا أن يتوى حقه على ما يأتي في معنى التوى، م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يرجع وإن توى) ش: بموت أو إفلاس أو غير ذلك، وبه قال أحمد والليث وأبو عبيد وابن المنذر.

وعن أحمد: إذا كان المحتال عليه مفلسا ولم يعلم المطالب بذلك فله الرجوع إلا أن يرضى به بعد العلم، وبه قال مالك، م: (لأن البراءة قد حصلت مطلقة) ش: أي لأن البراءة للمحيل قد حصلت مطلقة عن قيد الرجوع على المحيل عند التوى، م: (فلا يعود إلا بسبب جديد) ش: كما في

<<  <  ج: ص:  >  >>