للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن من طلبه يعتمد على نفسه فيحرم، ومن أجبر عليه يتوكل على ربه فيلهم، ثم يجوز التقلد من السلطان الجائر كما يجوز من العادل؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تقلدوا من معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والحق كان بيد علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في نوبته، والتابعين تقلدوه من الحجاج

ــ

[البناية]

مخذولا غيره مرشد إلى الصواب، لكون النفس أمارة بالسوء، قوله يسدده أي يلهمه الرشد ويوفقه للصواب.

م: (ولأن من طلبه) ش: أي القضاء م: (يعتمد على نفسه) ش: من الورع والعلم والفطنة، فيصير معجبا، فلا يلهم الرشد، ويحرم التوفيق، وهو معنى قوله: م: (فيحرم ومن أجبر عليه يتوكل على ربه) ش: ومن يتوكل على الله فهو حسبه م: (فيلهم) أي الرشد والصواب م: (ثم يجوز التقلد) ش: أي تقليد القضاء م: (من السلطان الجائر كما يجوز من العادل؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تقلدوا) ش: أي القضاء م: (من معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: ابن أبي سفيان لما انفرد بالإمرة وخالف عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

م: (والحق) ش: أي والحال أن الحق م: (كان بيد علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في نوبته) ش: أي في خلافته؛ لأن الخلافة كانت له بعد عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالنص، وقيد بقوله: "في نوبته" احترازا عن مذهب الروافض، فإنهم يقولون الحق مع علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، في جميع نوب الخلفاء، في نوبة أبي بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ومع أولاده بعد علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعند أهل السنة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان باغيا في نوبة علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وبعده إلى زمان ترك أمير المؤمنين حسن - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الخلافة إليه فانعقد الإجماع على خلافة معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعده م: (والتابعين) ش: بالنصب عطفا على قوله؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - م: (تقلدوه) ش: أي القضاء م: (من الحجاج) ش: ابن يوسف الثقفي عامل عبد الملك بن مروان على العراق وخراسان، ومات في رمضان أو شوال سنة خمسة وتسعين، وعمره ثلاث أو أربع وخمسون سنة.

ولما سمع الحسن البصري بموته سجد، يعني شكرا لله تعالى، وقال: اللهم إنك قد أمته، فأمت عنا سننه. وعن الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا أنه قال: لو جاءت كل أمة بخبثها، وجئنا به لغلبناهم، وظلمه مشهور.

وتولى أبو الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - القضاء بالشام، ولما مات وكان معاوية يستشيره، واستشاره فيمن يولي بعده، فأشار إليه بفضالة بن عبيدة الأنصاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - فولاه الشام بعده.

وقال البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "تاريخه الوسيط" بإسناده إلى أبي إسحاق - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>