حقيقة، على معنى أنه لا تزول طهوريته بدون شيء يتصل به، فثبتت به الطهارة المؤقتة على صفة التطهير، كالماء لما كان مطهراً حقيقة على معنى أنه لا تزول طهوريته دون شيء يتصل به، فثبتت الطهارة على المائية على أن ما كان ضعيفاً لبقاء ما يشترط لابتدائه وعدم الماء شرط لابتداء التيمم، فكذا لبقائه، هذا جواب الخبازي.
وقال صاحب " الدراية ": وفيه تأمل؛ لأن كون التراب مطهراً مؤقتاً مسلم، لكن الطهارة الحاصلة به مؤقت غير مسلم، وفي زيادات القدرة على الماء تمنع الطهارة بالتيمم ابتداء وبقاء؛ لأن القدرة على الأصل قبل حصول المقصود بالخلف يبطل حكم الخلف.
وقال حافظ الدين في " المستصفى ": العمل بالحديث مشكل؛ لأنه لم يتعرض لانتقاض التيمم السابق، بل فيه بيان أن التيمم لا يجوز بعد رؤية الماء، وجاز أن تكون رؤية الماء منافية للابتداء لا للبقاء، كعدم الشهود في النكاح فإنه يمنع ابتداء النكاح لا البقاء.
تعديل الجواب أن يقول: الطهورية صفة راجعة إلى المحل، فالابتداء والبقاء فيه سواء كالمحرمية في باب النكاح، وهذا الجواب هو الذي ذكره الأكمل عن سؤال الخبازي أخذا من كلام حافظ الدين. وقال صاحب " الدراية ": مع أن هذا بعض الحديث، وتمامه «فإذا وجدت الماء فلتمسه بشرتك» ، وكذا في " المصابيح " و " المبسوط " قيل قوله: «فلتمسه بشرتك» وهذا لفظ " المصابيح " لا يدل على انتقاض الوضوء؛ لأن هذا بطريق الاستحباب، بدليل أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في آخره:" فإن ذلك خير ".
قلت: قد ذكرنا أن هذا الحديث أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والحاكم، والدارقطني من حديث أبي ذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولفظ أبي داود:«الصعيد الطيب وضوء لكم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك» . وبهذا اللفظ أخرجه النسائي، وابن حبان.
وأخرجه البزار من حديث أبي هريرة ولفظه:«الصعيد وضوء لكم وإن لم يجد الماء إلى عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته فإن ذلك خير» ، ومن أعجب العجائب أن هؤلاء الشراح أئمة كبار، فإذا وقع حديث لا يشبعون الكلام فيه من جهة الترجيح، ومن جهة الألفاظ، ومن جهة الصحة، فغالبهم يحيلونه على كتاب من كتب الفقه، وليس هذا من شأن المحققين.
وقوله قبل: فلتمسه بشرتك ... إلخ كلام غير صحيح؛ لأن قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وليمسه بشرته» للوجوب لا للاستحباب، فاستدلال هذا القائل على الاستحباب بقوله:" فإن ذلك خير "