للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه إذا حصل المال في يده ثبت غناه به وإقدامه على التزامه باختياره دليل يساره إذ هو لا يلتزم إلا ما يقدر على أدائه،

ــ

[البناية]

وفي " الذخيرة " لو قال المديون بعد ثبوت الدين: أنا معسر، أو قال: موسر، ولا بينة له، فالقول للمديون مع يمينه، وهو رواية أصحابنا واختيار الخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه؛ لأن الأصل الفقر.

وعن أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -: إن كان في كل دين أصله مال، كثمن المبيع والقرض، فالقول للمدعي، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه وفي كل دين لا يقابله مال، كالمهر وبدل الخلع، وما أشبه ذلك، فالقول للمديون، إليه أشار محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتاب النكاح، وفي مسألة ادعاء المرأة نفقة الموسرين، وزعم الزوج أنه معسر، فقال: القول للزوج، وقال بعضهم: كل دين لزمه بسبب معاقدته واختياره، فالقول لرب الدين، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه لأن اختيار لزومه بالعقد دليل اليسار.

م: (لأنه) ش: استدلال لما ذكره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لقوله: حبسه لكل دين ... إلخ أي لأن الغريم م: (إذا حصل المال) ش: أي المال الذي هو ثمن المبيع ونحوه من أي جهة كان م: (في يده ثبت غناه به) ش: وزواله عن الملك محتمل، والثابت لا يترك بالمحتمل. والأصل في ذلك أن الأصل في الإنسان الفقر والغنى حادث، فوجب استصحاب المال حتى يعلم حدوث ما يخالفه، وما كان بدلا عن مال، فقد علم حصول الغنى به، فسقط حكم الأصل. ووجب استصحاب الغنى حتى يعلم زواله، فلهذا لم يصدق في الاعتبار، وصار امتناعه ظلما، فحبس لأجله.

م: (وإقدامه على التزامه) ش: بعقد كالمهر والكفالة م: (باختياره دليل يساره إذ هو) ش: أي لأنه م: (لا يلتزم إلا ما يقدر على أدائه) ش: فإذا ادعى الإعسار يريد إسقاطها عن نفسه، فلا يقبل قوله ويحبس، وهو الذي ذكره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وشرحه المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، [و] هو رواية ابن سماعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه يحبس في ذلك ولا يقبل قوله في الإعسار.

وذكر الخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن أصحابنا: أنه يحبس فيما إذا كان بدلا عن مال حصل في يده خاصة، ولا يحبس فيما سوى ذلك، لأن الحبس عقوبة تستحق بالامتناع مع الغنى، فلا يجوز إثابتها بالظاهر، كسائر العقوبات.

وحاصل المذهب عندنا: أن القاضي لا يسأل المدعي المال إلا إذا ادعى المديون الإعسار، فحينئذ يسأل. فإن قال المدعي: إنه معسر، خلى سبيله، وإن قال: إنه موسر، وقال المديون: إني

<<  <  ج: ص:  >  >>