فيشترط أهلية القضاء، ولا يجوز تحكيم الكافر والعبد والذمي والمحدود في القذف والفاسق والصبي لانعدام أهلية القضاء اعتبارا بأهلية الشهادة، والفاسق إذا حكم يجب أن يجوز عندنا كما مر في المولى، ولكل واحد من المحكمين أن يرجع ما لم يحكم عليهما؛ لأنه مقلد من جهتهما فلا يحكم إلا برضاهما جميعا.
ــ
[البناية]
على قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لكنها وقعت، فإنهما جائزان في القضاء دون التحكيم عنده، وأجيب بأن التحكيم صلح معنى حيث لا يثبت إلا بتراضي الخصمين.
والمقصود به قطع المنازعة، والصلح لا يعلق ولا يضاف بخلاف القضاء، والإمارة؛ لأنه تعريض م:(فيشترط أهلية القضاء) ش: هذا نتيجة قوله: لأنه بمنزلة القاضي، فلذلك ذكره بالفاء أي يشترط أهلية القضاء ووقت التحكيم ووقت الحكم، حتى لو حكما عبدا ثم أعتق أو صبيا ثم بلغ، أو ذميا فأسلم، وحكم لا ينفذ حكمه كما في المولى، وكذا لو كان مسلما وقت التحكيم، ثم ارتد وكذا على القلب في الكل لا ينفذ حكمه، كذا في " المغني " و " المحيط ".
م:(ولا يجوز تحكيم الكافر والعبد والذمي والمحدود في القذف والفاسق والصبي) ش: هذا لفظ القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "مختصره"، وهذا كله من إضافة المصدر إلى المفعول، لأنه لو جعل من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل، ينقلب حكم المسألة، فإن ذلك جائز، وفي " المغني " يجوز تحكيم المكاتب، والعبد المأذون كالحر، وتحكيم الذمي لا يجوز بين المسلمين، أما لو كان حكما فيما بين الذميين يجوز؛ لأنه من أهل الشهادة بين أهل الذمة دون المسلمين، م:(لانعدام أهلية القضاء) ش: أي في المذكورين م: (اعتبارا بأهلية الشهادة) ش: أي لأجل الاعتبار بأهلية الشهادة، فإنهم غير أهل الشهادة والقضاء مبني عليها.
م:(والفاسق) ش: مبتدأ م: (إذا حكم) ش: على صيغة المجهول بتشديد الكاف م: (يجب أن يجوز) ش: خبر المبتدأ م: (عندنا) ش: خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(كما مر في المولى) ش: أي وفي القاضي الفاسق المولى في أول كتاب " أدب القاضي "، يعني إذا حكم الفاسق ينبغي أن يجوز قياسا على الفاسق إذا ولي القضاء، ولكن لا ينبغي أن يتولى الفاسق القضاء، وكذا لا يحكم الفاسق.
وقد مر الكلام فيه مستوفى هناك م:(ولكل واحد من المحكمين) ش: بتشديد الكاف المكسورة وفتح الميم م: (أن يرجع ما لم يحكم) ش: أي المحكم م: (عليهما) ش: أي على المحكمين م: (لأنه) ش: أي لأن المحكم م: (مقلد) ش: بفتح اللام المشددة م: (من جهتهما) ش: أي من جهة المحكمين م: (فلا يحكم إلا برضاهما جميعا) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية، وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه.