وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا تقبل؛ لأن القضاء يتلو الوجوب وقد أنكره فيكون مناقضا. ولنا أن التوفيق ممكن؛ لأن غير الحق قد يقضى ويبرأ منه دفعا للخصومة والشغب، ألا ترى أنه يقال قضى بباطل، وقد يصالح على شيء فيثبت ثم يقضي، وكذا إذا قال: ليس لك علي شيء قط، لأن التوفيق أظهر. ولو قال: ما كان لك علي شيء قط، ولا أعرفك، لم تقبل بينته على القضاء، وكذا على الإبراء لتعذر التوفيق؛ لأنه لا يكون بين اثنين أخذ وإعطاء وقضاء واقتضاء، ومعاملة ومصالحة بدون المعرفة. وذكر القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه تقبل أيضا؛ لأن المحتجب
ــ
[البناية]
على الإبراء. م:(وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا تقبل) ش: وبه قال ابن أبي ليلى - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(لأن القضاء يتلو الوجوب) ش: لأنه تسليم مثل الواجب م: (وقد أنكره فيكون مناقضا) ش: في دعواه، وقبول النية تقتضي دعوى صحيحة م:(ولنا أن التوفيق ممكن لأن غير الحق قد يقضي ويبرأ منه دفعا للخصومة والشغب) .
م:(ألا ترى) ش: توضيح لما قبله م: (أنه يقال قضى بباطل) ش: كما يقال قضى بحق م: (وقد يصالح على شيء) ش: بالإنكار م: (فيثبت ثم يقضي) ش: أي يؤدي، والقضاء يجيء بمعنى الأداء. قال الله تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}[الجمعة: ١٠](الجمعة: الآية ١٠) فإذا أديت م: (وكذا إذا قال) ش: أي الرجل المخاطب عند دعوى المال عليه: م: (ليس لك علي شيء قط؛ لأن التوفيق أظهر) ش: لأن يقول ليس لك علي شيء في الحال لأني قد قضيتك حقك، أو لأنك أبرأتني، ألا ترى أنه لو صرح به يصح، وهذا لأن ليس لنفي الحال. فإذا أقام المدعي البينة على المدعى به والمدعى عليه على القضاء أو الإبراء قبل زمان الحال لم يتصور تناقض أصلا ما لو دلت المسألة على قبول البينة عند إمكان التوفيق من غير دعواه.
واستدلال الخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لمسألة الكتاب بفصل دعوى القصاص، والرق فقال: ألا ترى أنه لو ادعى على رجل دم عمد، فلم تثبت عليه أقام المدعى عليه بينة على الإبراء أو العفو أو الصلح معه على مال قبلت، وكذا لو ادعى رقبة جارية، فأنكرت وأقام البينة على رقبتها ثم أقامت هي بينة على أنه أعتقها أو كاتبها أو ألف وأنها أدت إليه قبلت.
م:(ولو قال: ما كان لك علي شيء قط، ولا أعرفك، لم تقبل بينته على القضاء وكذا على الإبراء) ش: أي وكذا لا تقبل بينته على الإبراء م: (لتعذر التوفيق؛ لأنه لا يكون بين اثنين أخذ وإعطاء وقضاء واقتضاء ومعاملة ومصالحة بدون المعرفة) ش: فتعذر التوفيق فبطلت البينة.
م:(وذكر القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي عن أصحابنا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: م: (أنه) ش: أي أن بينته على تأويل البرهان م: (تقبل أيضا) ش: على القضاء م: (لأن المحتجب) ش: أي الرجل المحتجب، وهو الذي لا يراه كل أحد لعظمته. وقال تاج الشريعة: المحتجب الذي لا يتولى