وإن أوصى بثلث ماله فهو على ثلث كل شيء، والقياس أن يلزمه التصدق بالكل، وبه قال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - لعموم اسم المال كما في الوصية. وجه الاستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فينصرف إيجابه إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال.
ــ
[البناية]
نذر أن يتصدق بماله وعليه دين يحيط بماله لزمه التصدق به، فإن قضى به دينه لزمه التصدق بقدره عند تملكه، ولا يجب التصدق بالأموال التي لا يجب في جنسها الزكاة كالعقار والرقين وأثاث المنازل وثياب البذلة وغير ذلك.
م:(وإن أوصى بثلث ماله فهو على ثلث كل شيء، والقياس) ش: في الأول أيضا م: (أن يلزمه التصدق بالكل، وبه) ش: أي بالقياس م: (قال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وهو قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو قول النخعي والليثي - رحمهمها الله -، واستدل زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطيعه» .
والجواب عنه: أنا نحن نقول به، وقد بينا الفرق بين الوصية والنذر، وقال الزهري ومالك وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يتصدق بثلث ماله، سواء كان زيوفا أم لا، لما روي «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأبي لبابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين قال: إن من توبتي يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أنخلع من مالي، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يجزئك الثلث» ، والجواب عليه أنه ليس بنذر، وليس هو محل النزاع.
وقال الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح الجامع الصغير ": ذكر أبو يوسف [في] " الأمالي " حكاه عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعن نفسه أنه إذا قال: مالي في المساكين صدقة انصرف إلى مال الزكاة، وإذا قال: ما أملك صدقة انصرف إلى جميع الأموال، وفي قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يتصدق بثلث ماله.
وفي قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عليه كفارة اليمين. وروي عن الشعبي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه لا يجب عليه شيء، إلى هنا لفظ الفقيه أبي الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وجه القياس في التصدق بالكل، ما قاله زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(لعموم اسم المال) ش: فإنه عام يتناول ما تجب فيه الزكاة، وما لا يجب فيه الزكاة فينصرف إلى الكل م:(كما في الوصية) ش: فإنه إذا أوصى بثلث ماله ينصرف إلى الكل، ولا يختص بما فيه الزكاة م:(وجه الاستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى) ش: فإيجاب الله الصدقة في مطلق المال ينصرف إلى مال الزكاة، فكذا إيجاب العبد م:(فينصرف إيجابه) ش: أي إيجاب العبد م: (إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال) ش: ولا يرد الاعتكاف حيث لم يوجب في الشرع من جنسه، وهو معتبر لأنه لبث في مسجد جماعة عبادة، وهو من جنس الوقوف