ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنهما اختلفا لفظا وذلك يدل على اختلاف المعنى؛ لأنه يستفاد باللفظ، وهذا لأن الألف لا يعبر به عن الألفين، بل هما جملتان متباينتان، فحصل على كل واحد منهما شاهد واحد، فصار كما إذا اختلف جنس المال.
قال: وإذا شهد أحدهما
ــ
[البناية]
م:(ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنهما) ش: أن الشاهدين م: (اختلفا لفظاً) ش: لأن أحدهما فرد والآخر مجتمع م: (وذلك) ش: أي الاختلاف من حيث اللفظ م: (يدل على اختلاف المعنى؛ لأنه) ش: أي لأن المعنى م: (يستفاد باللفظ وهذا) ش: أي دلالة اختلاف اللفظ على اختلاف المعنى الذي يستفاد من اللفظ م: (لأن الألف لا يعبر به عن الألفين، بل هما جملتان متباينتان) ش: أي كلمتان متباينتان كزيد وعمرو، ولم يرد به الجملة المركبة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر كما في النحو م:(فحصل على كل واحد منهما شاهد واحد) ش: فلا تقبل م: (فصار) ش: حكم هذا م: (كما إذا اختلف جنس المال) ش: كما إذا شهد أحدهما بألف درهم، والآخر بمائة دينار أو شهد أحدهما بكر حنطة، والآخر بكر شعير.
فإن قيل: الألف موجود في الألفين.
قلنا: نعم إذا ثبت الألفان يثبت في ضمنه الألف، وإذا لم يثبت التضمن كيف يثبت التضمن. ألا ترى أنه لو شهد أحدهما بأنه قال لامرأته: أنت خلية وشهد الآخر بأنه قال: أنت برية لا يثبت شيء، وإن اتفق المعنى.
فإن قيل: يشكل على قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ما لو ادعى ألفين وشهد بألف يقبل بالاتفاق، ذكره في " المبسوط "، مع أن شرط صحة القضاء الموافقة بين الدعوى والشهادة، ولم يوجد.
قلنا: الاتفاق في اللفظ بين الدعوى والشهادة ليس بشرط لصحة الدعوى حسب اتفاقه بين الشاهدين. ألا ترى أنه لو ادعى الغصب أو القتل وشهدا بإقراره به يقبل، ولو شهد أحدهما بالغصب والآخر بالإقرار بالغصب لا تقبل، وهذا لأن الشهادة التلفظ، ألا ترى أنها لا تقبل ما لم تقل أشهد بخلاف الدعوى، فإنه لو صحح دعواه في الكتابة تقبل دعواه، ولا يلزم أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
إذا قال زوجها: طلقي نفسك ثلاثاً. فطلقت واحدة كان ذلك منها جواباً فوقعت واحدة، ولا ما إذا قال لها: أنت طالق ألفا فإنه يقع ثلاثاً؛ لأن الأكثر في ذلك ثابت فيضمن الأقل، وليس فيما نحن فيه كذلك؛ لأن الأكثر شهد به واحد، فلا يثبت به شيء.
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وإذا شهد أحدهما) ش: أي أحد الشاهدين