للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما قدمنا من الحاجة، إذ ليس كل أحد يهتدي إلى وجوه الخصومات، وقد صح أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وكل فيها عقيلا وبعدما أسن وكل عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وكذا بإيفائها واستيفائها، إلا في الحدود والقصاص، فإن الوكالة لا تصح باستيفائها مع غيبة الموكل عن المجلس

ــ

[البناية]

قالوا إنه وهم من وجهين، أحدهما في تفسيره؛ لأن السائر بمعنى الباقي لا بمعنى الجميع، والثاني أنه أورد في الأجوف وهو مهموز العين، وفي المثل السائر: اليوم وقد زال الظهر من سار، يعني نفي يضرب لطالب الشيء من بعد اليأس منه.

قلت: ذكر الجوهري أيضا أن كونه من مهموز العين لغة م: (لما قدمنا من الحاجة) ش: أشار به إلى قوله - " لأن الإنسان قد يعجز.... " إلى آخره م: (إذ ليس كل أحد يهتدي إلى وجوه الخصومات، وقد صح أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وكل فيها عقيلا وبعدما أسن وكل عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: هذا أخرجه البيهقي عن عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كان علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يكره الخصومة، وكان إذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فلما كبر عقيل وكلني. وأخرج أيضا عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان وكل عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالخصومة.

وقال الخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " أدب القاضي ": حدثنا معاذ بن أنس الخرساني، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن إسحاق، عن جهم بن أبي الجهم، أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان لا يحضر الخصومة، وكان يقول: إن لها قحما ويحضرها الشيطان، فجعل علي الخصومة إلي، فلما كبر ورق حولها إلي، فكان علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقول: ما قضى لوكيل وما قضى على وكيلي فعلي.

وفي " الفائق ": لكن [.....] أنه وكل أخاه عقيلا بالخصومة، ثم وكل بعده عبد الله بن جعفر وقال: لا يحضر الخصومة ويقول: إن لها قحما وإن الشياطين تحضرها إلى مهالك وشدائد، وقحم الطريق ما صعب منه وشق على سالكه، وفي هذا الحديث دليل أيضا على أن لا يحضر مجلس الخصومة بنفسه، وهو مذهبنا ومذهب عامة العلماء لصنيع علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وقال بعض العلماء: الأولى أن يحضر بنفسه؛ لأن الامتناع من الحضور إلى مجلس القاضي من علامات المنافقين، وقد ورد الذم على ذلك، قال الله تعالى {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: ٤٨] (النور: الآية ٤٨) ، وفيه تأمل. م: (وكذا) ش: أي وكذا يجوز م: (بإيفائها) ش: أي بإيفاء الحقوق وهو أداؤها م: (واستيفائها) ش: أي وباستيفاء الحقوق وهو قبضها م: (إلا في الحدود والقصاص، فإن الوكالة لا تصح باستيفائهما مع غيبة الموكل عن المجلس) ش: قيد به لأنه يجوز استيفاء القصاص والقذف في حضوره بإجماع الأئمة الأربعة، وفي غيبته لا يجوز عندنا، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول وهو نصه: ويقضي به القاضي الروياني من أصحابه

<<  <  ج: ص:  >  >>