للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهما: أن التوكيل تصرف في خالص حقه، فلا يتوقف على رضاء غيره، كالتوكيل بتقاضي الديون. وله: أن الجواب مستحق على الخصم، ولهذا يستحضره. والناس متفاوتون في الخصومة، فلو قلنا بلزومه، يتضرر به فيتوقف على رضاه كالعبد المشترك إذا كاتبه أحدهما يتخير الآخر بخلاف المريض والمسافر؛ لأن الجواب غير مستحق عليهما هنالك، ثم كما يلزم التوكيل عنده من المسافر يلزم إذا أراد السفر

لتحقق الضرورة.

ــ

[البناية]

م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد رحمهما الله م: (أن التوكيل تصرف في خالص حقه) ش: أي في حق الموكل، وهذا لأنه وكله إما بالجواب أو بالخصومة، وكلاهما حق الموكل، فإذا كان كذلك م: (فلا يتوقف على رضاء غيره كالتوكيل بتقاضي الديون وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (أن الجواب مستحق على الخصم) ش: أي على الخصم م: (ولهذا يستحضره) ش: في مجلس القاضي.

م: (والناس متفاوتون في الخصومة) ش: وفي جوابها، فرب إنسان يصور الباطل بصورة الحق، ورب إنسان لا يمكنه تمشية الحق على وجه، فيحمل أن الوكيل ممن له حذق في الخصومات فيتضرر بذلك الخصم فيتشرط رضاه م: (فلو قلنا بلزوم) ش: أي بلزوم التوكيل بالخصومة م: (يتضرر به) ش: أي الخصم. فإذا كان كذلك م: (فيتوقف على رضاه) ش: أي على رضى الخصم ثم نظر هذا بقوله: م: (كالعبد المشترك إذا كاتبه أحدهما) ش: أي أحد الشريكين م: (يتخير الآخر) ش: أي الشريك الآخر بين أن يرضى به وبين أن يفسخه دفعاً للضرر عنه.

م: (بخلاف المريض والمسافر) ش: أما المريض فلعجزه بالمرض، وأما المسافر فلغيبته م: (لأن الجواب غير مستحق عليهما) ش: لو لم يسقط عنهما لزم الحرج. قال الله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] (الحج: الآية ٧٨) . م: (هنالك) ش: أي في المكان الذي كان فيه.

وفي " فتاوى قاضي خان " - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ثم المريض إذا كان لا يستطيع أن يمشي على قدميه، ولكن يمكنه بركوب الدابة أو أيدي الناس، فإن ازداد مرضه بالركوب صح توكيله بغير رضى الخصم، وإن كان لا يزداد اختلفوا فيه على الخلاف أيضاً، وقيل له أن يوكل بغير رضاء وهو الصحيح م: (ثم كما يلزم التوكيل عنده) ش: أي عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (من المسافر يلزم إذا أراد السفر لتحقق الضرورة) ش: إذ لو لم يجز يلحقه الحرج بالانقطاع عن مصالحه.

وقال قاضي خان - رَحِمَهُ اللَّهُ - في فتاواه ": لكن لا يصدق أنه يريد السفر، ولكن القاضي ينظر إلى زيد وعدة سفره، أو يسأل عمن يريد أن يخرج معه فيسأله عن رفقائه، كما في فسخ الإجازة إذا أراد المستأجر فسخها بعذر السفر، فبمجرد قوله أريد السفر لا يثبت العذر إذا لم يصدقه الآجر، لكن يسأله القاضي فيقول له مع من تريد الخروج؟ ثم يسأل رفقته فإن قالوا: نعم تحقق العذر، وهو السفر في فسخ الإجارة فكذا هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>