للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن الصادقة واشتباه الحال فلا ينتصب حجة مع الاحتمال ويمين المدعي دليل الظهور فيصار إليه. ولنا: أن النكول دل على كونه باذلا أو مقرا، إذ لولا ذلك لأقدم على اليمين إقامة للواجب ودفعا للضرر عن نفسه فترجح هذا الجانب، ولا وجه لرد اليمين على المدعي لما قدمناه. قال: وينبغي للقاضي أن يقول له إني أعرض عليك اليمين ثلاثا، فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعاه، وهذا الإنذار لإعلامه بالحكم، إذ هو موضع الخفاء،

ــ

[البناية]

فيحكم عليه، وبقولنا قال سفيان بن سعيد الثوري، م: (لأن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن الصادقة) ش: أي عن اليمين الصادقة م: (واشتباه الحال) ش: يعني ويحتمل أن يكون الحال مشتبهة عليه، لا يدري أصادق في الإنكار فيحلف، أو كاذب فيمتنع، م: (فلا ينتصب) ش: أي يمين المدعي عليه م: (حجة مع الاحتمال، ويمين المدعي دليل الظهور) ش: لما كانت يمين المدعي عليه، وينكر له، وبنكوله صار الظاهر شاهدا للمدعي، فإذا كان كذلك م: (فيصار إليه) ش: أي إلى المدعي.

م: (ولنا أن النكول) ش: أي نكول المدعى عليه م: (دل على كونه باذلا) ش: أي كان النكول بذلا كما هو مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، م: (أو مقرا) ش: أي كان إقرار كما هو مذهبهما م: (إذ لولا ذلك) ش: أي لولا أن اليمين بذل أو إقرار م: (لأقدم على اليمين الصادقة إقامة للواجب) ش: لأن اليمين واجبة عليه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «واليمين على من أنكر» وكلمة " على " للوجوب م: (ودفعا للضرر عن نفسه) ش: وهو بذل المال م: (فترجح هذا الجانب) ش: أي جانب كون الناكل باذلا ومقرا على الوجه المحتمل، وهو كونه متورعا، أو نحو ذلك.

م: (ولا وجه لرد اليمين على المدعي لما قدمناه) ش: إشارة إلى قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وفي " المبسوط " و " الأسرار ": مذهبنا مؤيد بإجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - على ذلك، فإن قيل: كيف يكون إجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وقد روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه حلف المدعي بعد نكول المنكر؟ .

قلت: وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في المنكر طلب منه رد اليمين إلى المدعي فقال: ليس لك عليه سبيل، وقضى بالنكول بين يدي علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال له علي: قالون، بلغة الروم، أي: أصبت.

م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وينبغي للقاضي أن يقول له) ش: أي للمدعى عليه م: (إني أعرض عليك اليمين ثلاثا، فإن حلفت وإلا فقضيت عليك بما ادعاه) ش: أي المدعي م: (وهذا الإنذار لإعلامه بالحكم، إذ هو موضع الخفاء) ش: أي الحكم بالنكول موضع الخفاء لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>