للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإقرار يجري في هذه الأشياء لكنه إقرار فيه شبهة، والحدود تندرئ بالشبهات، واللعان في معنى الحد، ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أنه بذل لأن معه لا يبقى اليمين واجبة لحصول المقصود وإنزاله باذلا أولى كي لا يصير كاذبا في الإنكار، والبذل لا يجري في هذه الأشياء،

ــ

[البناية]

الخصومة، فيقوم النكول مقام الإقرار بقدر الحاجة إلى دفع الخصومة، فكان كالإقرار في المرة الأولى لا في الثانية.

الشبهة الثانية: الوكيل بالبيع إذا ادعى عليه عيب في المبيع فنكل فإنه يلزم الموكل، ولو جعل إقرارًا للزم الوكيل كما في الإقرار به، وأجيب: بأنه وإن كان الإقرار فهو أمر لزمه بسبب البيع، بحيث لا اختيار أمر الموكل أدخله فعليه خلاصه، أما إذا أقر فهو شيء لزمه باختيار الإقرار، فإنه كان ينقضي في عهدة الدعوى بالسكوت أو النكول فيلزمه الضمان، ولا يرجع به على الموكل.

الشبهة الثالثة: هي ما إذا كفل بما وجب على فلان، فادعى المكفول له مالًا على فلان فنكل فلان لا تقضى بالمال على الكفيل، ولو كان المنكول إقرارًا لقضي به على الكفيل كما لو أقر، وأجيب: أن أبا يوسف ومحمدًا - رحمهما الله- يقولان: إن النكول يدل على الإقرار في قطع الخصومة، لأنه يكون إقرار حقيقة، ولهذا لا يثبت المدعي بنفس النكول بخلاف الإقرار، كذا في " المبسوط " وغيره.

وذكر الأكمل هذه الشبهة بقوله "وعليه تفرض إجمالية" م: (والإقرار يجري في هذه الأشياء) ش: المذكورة م: (لكنه إقرار فيه شبهة) ش: هذا جواب من يقول "لو كان النكول إقرارًا ينبغي أن يجب الحد "، فأجاب بقوله: فإنه إقرار فيه شبهة، م: (والحدود تندرئ بالشبهات، واللعان في معنى الحد) ش: لأنه قائم مقام القذف في حق الزوج، وقائم مقام حد الزنا في حق المرأة، وقد مر ذلك في اللعان.

م: (ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أنه) ش: أي أن النكول م: (بذل) ش: وإباحة وهذه الحقوق لا يجري فيها البذل والإباحة، فلا يقضى فيها بالنكول، كالقصاص في النفس وعليها الأموال م: (لأن معه) ش: أي مع البذل م: (لا يبقى اليمين واجبة لحصول المقصود) ش: ولا تبقى لليمين فائدة، وتحقيق الكلام هاهنا: أن النكول وإن كان بدلًا لكنه يحتمل أن يكون كذبًا م: (وإنزاله باذلا أولى) ش: حملًا لحاله على الصلاح م: (كي لا يصير كاذبا في الإنكار) ش: السابق لأنه كان أنكر أولًا فلا يظن بينكم الكذب فجعل بذلًا.

م: (والبذل لا يجري في هذه الأشياء) ش: أي الأشياء المذكورة التي لا يستحلف فيها، فإذا كان كذلك لا يقضي فيها بالنكول، فإنه إذا قال مثلًا: أنا حر وهذا الرجل يؤويني فدفعت إليه نفسي أن يسترقني، أو قال: أنا ابن فلان، ولكن أحب أن يدعي نسبي، أو قالت: أنا لست

<<  <  ج: ص:  >  >>