للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: إذا لبسهما على طهارة كاملة لا يفيد اشتراط الكمال وقت اللبس، بل وقت الحدث، وهو المذهب عندنا،

ــ

[البناية]

م: (وقوله) شك أي قول القدوري لا يقال: إنه إضمار قبل الذكر، وكذلك الضمير في قوله: خصه بحدث؛ لأنه معلوم بقرينة الحال؛ لأن المصنف في صدد شرح كلام القدوري م: (إذا لبسهما على طهارة كاملة لا يفيد اشتراط الكمال وقت اللبس) ش: يعني اشتراط القدوري كمال الطهارة وقت لبس الخفين لا يجوز؛ لأن المذهب اشتراط الكمال وقت الحدث، أشار بكلمة الإضراب بقوله: م: (بل وقت الحدث) ش: أي بل اشتراط الكمال وقت الحدث هو الذي يفيده. وقال الأكمل: إن كان مراد المصنف هذا الذي قرروه ففي كلام القدوري تسامح، وإن كان غير ذلك يحتاج إلى بيان؛ لأن ظاهر كلام القدوري يفيد ذلك.

قلت: تحرير هذا أن القدوري ذكر اللبس وأراد به بقاءه، يعني إذا لبسهما باقياً عند الحدث يمسح؛ لأن ما له دوام يأخذ بقاؤه حكم ابتدائه كما لو حلف: لا يسكن هذه الدار، يحنث فيها بالبقاء، حتى لو غسل رجليه وأدخلهما خفيه، ثم أكمل طهارته يمسح، وكذا لو لبسهما وهو محدث ثم توضأ وخاض الماء حتى انغسلت رجلاه ثم أحدث يمسح لكمال الطهارة عند الحدث، ولو غسل رجليه الواحدة وأدخلها الخف وحدها ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف يجوز له المسح إذا أحدث، وبه قال الثوري، والمزني، وابن المنذر، والطبري، وداود الظاهري، ويحيى بن آدم، وأبو ثور. وقال الشافعي وأحمد: ينزع الخف الأول ثم يعيده إلى مكانه، وإن لم يفعله لا يجوز له المسح. وفي " المبسوط ": هذا اشتغال بما لا يفيد.

م: (وهو المذهب عندنا) ش: أي اشتراط الكمال وقت الحدث لا وقت اللبس هو المذهب عندنا خلافا للشافعي، فإنه يشترط الكمال وقت اللبس، واحتج الشافعي على ذلك بأحاديث منها في " الصحيحين " حديث المغيرة بن شعبة، وفيه: «ثم أهويت إلى الخفين لأنزعهما فقال: " دع الخفين، فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهران» فمسح عليهما، واستدل الأترازي بهذا الحديث على اشتراط اللبس على الطهارة، وليس بظاهر على ما نقول في جوابه، وأقرب ما يستدل به حديث أخرجه الدارقطني عن أبي بكرة «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليها، وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر فلبس خفية أن يمسح عليهما» . فقالوا: إن الفاء للتعقيب، والطهارة إذا أطلقت إنما يراد بها الطهارة الكاملة.

والجواب عن ذلك: أنه ليس له حجة في الأحاديث التي تتعلق بنا، لأنا نقول بعدم جواز المسح إلا بعد غسل الرجل، ومحل الخلاف يظهر في المسألتين، إحداهما: إذا أحدث ثم غسل رجليه ثم لبس الخفين ثم مسح عليهما، ثم أكمل وضوء الثانية إذا أحدث ثم توضأ، فلما غسل إحدى رجليه لبس عليها الأخرى ثم غسل الأخرى ثم لبس عليها الخف، فإن هذا المسح جائز عندنا

<<  <  ج: ص:  >  >>