ولو قال الشهود: أودعه رجل لا نعرفه لا تندفع عنه الخصومة لاحتمال أن يكون المودع هو هذا المدعي، ولأنه ما أحاله إلى معين ليمكن المدعي من اتباعه، فلو اندفعت لتضرر به المدعي، ولو قالوا: نعرفه بوجهه ولا نعرفه باسمه ونسبه، فكذلك الجواب عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - للوجه الثاني، وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - تندفع لأنه أثبت بينته أن العين وصل إليه من جهة غيره، حيث عرفه الشهود بوجهه، بخلاف الفصل الأول فلم تكن يده يد خصومة، وهو المقصود، والمدعي هو الذي أضر بنفسه حيث نسي خصمه أو أضره شهوده
ــ
[البناية]
إليه أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: صح استحسان ذهب إليه بعدما ابتلي بالقضاء، لأنه لما رضي بالقضاء فوقف على أحوال الناس ما لا يعرفه غيره، وما قالا قياس، لأن البينات حجج متى قامت يجب العمل بها، ولا يجوز تعطيلها بمجرد الوهم.
قلت: زماننا هذا أكثر فسادًا لغلبة التزوير وكثرة الحيل بالاحتياط فيه واجب، م:(ولو قال الشهود: أودعه رجل لا نعرفه لا تندفع عنه الخصومة لاحتمال أن يكون المودع هو هذا المدعي ولأنه) ش: أي ولأن ذي اليد م: (ما أحاله إلى معين ليمكن المدعي من اتباعه، فلو اندفعت الخصومة لتضرر به المدعي، ولو قالوا: نعرفه بوجهه ولا نعرفه باسمه ونسبه فكذلك الجواب عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - للوجه الثاني) ش: أي الشهود ما أحاله إلى معين يمكن للمدعي اتباعه.
م:(وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تندفع) ش: الخصومة، م:(لأنه أثبت بينته أن العين وصل إليه من جهة غيره، حيث عرفه الشهود بوجهه، بخلاف الفصل الأول) ش: وهو ما إذا قال الشهود أودعه رجل لا نعرفه للعلم بيقين، حينئذ أن المودع غير المدعي، فإذا الشهادة تفيد أن يده ليست بيد خصومة وهو المقصود، م:(فلم تكن يده يد خصومة وهو المقصود، والمدعي هو الذي أضر بنفسه) ش: هذا جواب عن قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لو اندفعت الخصومة لتضرر المدعي.
ووجهه أن المدعي أضر نفسه بالضرر اللاحق م:(حيث نسي خصمه أو أضره شهوده) ش: أي شهود المدعى عليه، وهذا الاختلاف إنما يكون إذا كانت العين قائمة في يد المدعى عليه، وإليه أشار بقوله:"هذا الشيء أو دعته فلان" فإن الإشارة الحسية لا تكون إلا إلى موجود في الخارج؛ وأما إذا هلكت فلا تندفع الخصومة، وإن أقام البينة لأنها إذا كانت قائمة فذو اليد ينتصب خصما للمدعي في العين بظاهر يده فإن ظاهر اليد يدل على الملك إلا أنه يحتمل أنه ليس يد ملك، وبإقامة البينة أن العين وديعة عنده يظهر أن يده ليست يد ملك فتندفع عنه الخصومة، أما إذا كانت العين هالكة فالدعوى تقع في الدين، ومحل الدين الذمة، فالمدعى عليه يثبت خصمًا للمدعي بذمته وبما أقام المدعي من البينة، على أن العين كانت في يده وديعة لا تبين أن ذمته كانت لغيره، فلا تتحول عنه الخصومة.