السبق على ما مر، ولا يعكس الأمر؛ لأن البيع قبل القبض لا يجوز وإن كان في العقار عنده ولهما: أن الإقدام على الشراء إقرار منه بالملك للبائع، فصار كأنهما قامتا على الإقرارين وفيه التهاتر بالإجماع، كذا هاهنا.
ــ
[البناية]
السبق على ما مر) ش: من قوله، لأن تمكنه من قبضه يدل على سبق شرائه، م:(ولا يعكس الأمر) ش: أي لا يجعل كأن الخارج اشتراه من ذي اليد أولا ثم باعه من ذي اليد، لأن في ذلك يلزم بيع المبيع قبل القبض، فلا يجعل كذلك.
م:(لأن البيع قبل القبض لا يجوز وإن كان في العقار عنده) ش: أي عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وإيضاح هذه المسألة فيما قال شيخ الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مبسوطه ": إذا ادعى كل واحد منهما تلقي الملك من جهة صاحبه كدار في يد رجل جاء رجل وادعى أنه اشتراها من الخارج اليد بألف درهم ونقده الثمن، وادعى ذو اليد أنه اشتراها من الخارج بخمسمائة درهم ونقده الثمن، وأقاما جميعاً البينة على ما ادعيا، فهذا لا يخلو من أربعة أوجه إن لم يؤرخا، أو أرخا وتاريخهما على السواء، أو أرخ أحدهما أسبق دون الآخر. فعلى قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تهاترت البينتان وتترك الدار في يد ذي اليد قضاء ترك لا قضاء استحقاق، سواء شهد الشهود بالشراء والقبض جميعا أو شهدوا بالشراء ولم يشهدوا بالقبض. وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - تقبل البينتان جميعا ويقضى بعقدين إلا إنهم إن شهدوا بالشراء ولم يشهدوا بالقبض، فإن شراء ذي اليد يقدم على شراء الخارج، فيجعل كأن ذا اليد اشترى أولا من الخارج قبض ثم باع من الخارج ولم يسلم إليه، فيؤمر بالتسليم إلى الخارج وإن شهدوا بالقبض والشراء جميعا فإنه يقدم شراء الخارج على شراء ذي اليد كأن الخارج اشترى أولا من ذى اليد وقبض ثم باع من ذي اليد بعد ذلك وسلم إليه فيقضى لذي اليد شراء من الخارج.
م:(ولهما) ش: لأبي حنيفة وأبي يوسف: م: (أن الإقدام على الشراء إقرار منه) ش: أي من المشتري م: (بالملك للبائع، فصار كأنهما) ش: أي كأن الشهادتين م: (قامتا على الإقرارين) ش: يعني صار هذا بمنزلة ما لو قام كل واحد منهما البينة على إقرار صاحبه بالملك؛ فلو كان كذلك تهاتر الإقراران جميعا، لأن الثابت من الإقرارين بالبينة كالثابت بالمعاينة. ولو عاينا إقرار كل واحد منهما بالملك لصاحبه فأبطلنا الإقرارين جميعا، وهذا مثله، يعني أن شهود كل واحد منهما لم يشهد بالتاريخ، وكل واحد منهما لم يشهد بالتاريخ، وكل إقرارين ظهرا ولا يعرف سبق أحدهما جعلاً لأنهما وقعا معاً، فبطلا للمنافاة بينهما م:(وفيه التهاتر بالإجماع) .
ش: قال تاج الشريعة: قبل ذكر الإجماع وقع سهو، لأن عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: بينة ذي اليد أولى، وكذا في " الجامع "، وفي " المنظومة " حيث قال: وذو اليد المالك منهما أثبتا قبضين، والخارج منهما سكتا م:(كذا ههنا) ش: أي فكذا ما نحن فيه من تهاتر البينتين.