وإن قال غصبت ثوبا لزماه جميعا، لأنه ظرف، لأن الثوب يلف فيه، وكذا لو قال علي ثوب في ثوب لأنه ظرف، بخلاف قوله: درهم في درهم حيث يلزمه واحد، لأنه ظرف لا ظرف. وإن قال: ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه إلا ثوب واحد عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال محمد: لزمه أحد عشر ثوبا، لأن النفيس من الثياب قد يلف في عشرة أثواب فأمكن حمله على الظرف، ولأبي يوسف أن حرف " في " يستعمل في البين والوسط أيضا، قال الله تعالى:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي}[الفجر: ٢٩](الفجر الآية ٢٩) أي بين عبادي فوقع الشك، والأصل براءة الذمم على أن كل ثوب موعى وليس بوعاء، فتعذر حمله على الظرف فتعين الأول محملا.
ــ
[البناية]
خلافاً في هذه المسائل م:(وإن قال: غصبت ثوباً في منديل لزماه جميعاً لأنه) ش: أي لأن المنديل م: (ظرف؛ لأن الثوب يلف فيه) ش: والخلاف فيه كالخلاف في الإقرار بالتمر في القوصرة.
م:(وكذا لو قال: علي ثوب في ثوب) ش: أي يلزمه الثوبين جميعاً م: (لأنه ظرف) ش: ولا يتحقق ذلك الإبهام م: (بخلاف قوله: درهم في درهم) ش: يعني لو قال: علي لفلان درهم في درهم م: (حيث يلزمه واحد) ش: أي درهم واحد م: (لأنه ضرب) ش: أي ضرب حساب م: (لا ظرف) ش:، وقد مر.
م:(وإن قال: ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه إلا ثوب واحد عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال محمد: لزمه عشر ثوباً، لأن النفيس من الثياب قد يلف في عشرة أثواب فأمكن حمله على الظرف) ش: قيل: إنه منقوض على أصله بأن قال غصبته كرباساً في عشرة أثواب حرير لزمه الكل عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مع أن عشرة أثواب حرير لا تجعل وعاء للكرباس عادة.
م:(ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن حرف في يستعمل في البين والوسط أيضاً، قال الله تعالى:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي}[الفجر: ٢٩] (الفجر: الآية ٢٩) أي بين عبادي فوقع الشك) ش: لأن كلمة في لما استعملت في معنى " بين " كما استعملت للظرف، لم يلزمه إلا ثوب واحد لوقوع الشك فيما زاد عليه، فلا يجوز والمال لا يجب بالشك والاحتمال.
م:(والأصل براءة الذمم) ش: لأنها خلقت برية عرية عن الحقوق، فلا يجوز شغلها إلا بحجة قوية، فلما لم يصلح العشرة للظرف صار كقوله غصبتك درهماً في درهم.
م:(على أن كل ثوب) ش: أي مع أن كل ثوب م: (موعى) ش: أي مظروف في حق ما وراءه م: (وليس بوعاء، فتعذر حمله على الظرف) ش: كذلك م: (فتعين الأول) ش: هو كونه بمعنى البين م: (محملاً) ش: بفتح الميم وسكون الحاء المهملة، أي من حيث الحمل على معنى البين.