وهذا بخلاف الصلح عن حق الشفعة على مال حيث لا يصح؛ لأنه حق التملك ولا حق في المحل قبل التملك، أما القصاص فملك المحل في حق الفعل فيصح الاعتياض عنه، وإذا لم يصح الصلح تبطل الشفعة؛ لأنه تبطل بالإعراض والسكوت والكفالة بالنفس بمنزلة حق الشفعة، حتى لا يجب المال بالصلح عنه غير أن في بطلان الكفالة روايتين على ما عرف في موضعه.
ــ
[البناية]
وقال شمس الأئمة البيهقي في " الكفاية ": يجوز الصلح من القصاص في نفسه وما دونه على أكثر من دية، وفي الخطأ لا يجوز على الزيادة، لأن الواجب في الصورة الأولى ليس بمال، فجاز كيفما كان، وفي الثانية الواجب مال مقدر شرعا، بخلاف القياس فلا يتجاوز عنه.
م:(وهذا) ش: أي الصلح عن جناية العمد م: (بخلاف الصلح عن حق الشفعة على مال) ش: وهو أن يصالح على أن يترك الشفعة بمال يأخذه من المشتري م: (حيث لا يصح) ش: هذا الصلح فتبطل الشفعة ولا يجب المال، وبه قالت الثلاثة م:(لأنه) ش: أي لأن حق الشفعة م: (حق التملك ولا حق في المحل قبل التملك) ش: وأخذ البدل أخذ مال في مقابلة ما ليس بشيء ثابت في المحل وذلك رشوة حرام.
م:(أما القصاص فملك المحل في حق الفعل) ش: أي في حق فعل القصاص م: (فيصح الاعتياض عنه) ش: لأنه اعتياض عما هو ثابت له في المحل فكان صحيحا م: (وإذا لم يصح الصلح) ش: أي عن حق الشفعة م: (تبطل الشفعة، لأنه تبطل بالإعراض والسكوت) ش: وبقوله حق الشفعة على مال احترازا عن الصلح على أخذ يعطيه بعينه من الدار بثمن معلوم، فإن الصلح مع الشفيع فيه جائز، وعن الصلح على بيت بعينه من الدار بحصته من الثمن فإنه لا يصلح فإن حصته مجهولة، لكن لا تبطل شفعته، لأنه لم يجد منه الإعراض عن الأخذ بالشفعة.
وفي " المبسوط ": صلح الشفيع على ثلاثة أوجه، في وجه يصح، وهو أن يصالح على أخذ نصف الدار بنصف الثمن، وفي وجه لا يصح ولا تبطل شفعته، وأن يصالح على أخذ بيت معين منها بحصته من الثمن لا يصح، لأن حصته مجهولة ولا تبطل شفعته، لأنه لم يوجد منه الإعراض عن الشفعة، وفي وجه لا يصح وتبطل شفعته وهو أن يصالح على مال، وهاهنا تبطل شفعته لوجود الإعراض منه عن الأخذ بالشفعة، ولا يجب المال، وقد ذكرناه.
م:(والكفالة بالنفس بمنزلة حق الشفعة، حتى لا يجب المال بالصلح عنه) ش: أي في عدم جواز الكفالة، صورته صالح المكفول والكفيل على شيء من المال على أن يخرجه عن الكفالة لا يصلح الصلح ولا نعلم فيه خلافا م:(غير أن في بطلان الكفالة روايتين) ش: ففي رواية أبي حفص: تبطل الكفالة، وبه يفتى، وفي رواية أبي سليمان: لا تبطل م: (على ما عرف في موضعه) .