للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم المسح على الظاهر حتم

ــ

[البناية]

قلت: هذا التعليل معدول لا يخفى، وقال أيضاً: ولأنه معدول عن القياس فيقتصر على ما ورد به الشرع وهو ظاهر الخف دون باطنه.

قلت: القياس يقتضي مسح الظاهر والباطن؛ لأنه يدل على الغسل، والشرع كما ورد بالظاهر ورد بالباطن كما ذكرنا مستقصى.

م: (ثم المسح على الظاهر حتم) ش: أي ثم مسح الخف على ظاهره حتم أي واجب. قال الأترازي: يعني أنه واجب لا يحتمل غيره.

قلت: إن أراد بعدم الاحتمال عقلاً فممنوع ومنعه ظاهر، وإن أراد به شرعاً فممنوع أيضاً؛ لأنه ورد «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مسح على باطن خفه» كما مر من حديث المغيرة بن شعبة.

وقال صاحب " الدراية ": فإن قيل: ينبغي أن يجوز المسح على الباطن والقعر؛ لأنه خلف عن الغسل، فيجوز في جميع محل الغسل كما في مسح الرأس، فإنه يجوز المسح في جميع الرأس، وإن ثبت مسحه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الناصية.

قلت: لا يجوز؛ لأن فعله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ابتداء شرع وهو غير معقول المعنى، فيعتبر جميع ما ورد به الشرع من رعاية الفعل والمحل بخلاف مسحه عليها، فإنه بيان ما ثبت بالكتاب لا نصب الشرع، فيجب العمل بمقدار ما يحصل به البيان وهو المقدار؛ لأن المحل معلوم بالنص فلا حاجة إلى فعله بياناً له.

قلت: إن أراد بقوله لا يجوز يعني مسح البطن والعقب مع مسح الظاهر فلا نسلم بذلك؛ لأنه ورد مسح الظاهر والباطن بقوله، فيعتبر جميع ما ورد في الشرع من رعاية الفعل والمحل لا دليلاً لمدعي الاقتصار على الظاهر؛ لأنه ورد في الشرع فعل الباطن. وثبت أنه محل أيضاً لفعله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فكما أنه يراعى الفعل والمحل لو ورد الشرع بهما، فكذلك ينبغي أن يراعى ذلك في الباطن أيضاً، فإن الشرع ورد بهما أيضاً.

وقوله: لأن المحل معلوم بالنص فلا حاجة إلى نقله بياناً له - غير مسلم في حق المقدار.

قال صاحب " الدراية ": فإن قيل: ينبغي أن يجوز المسح على الباطن مع الظاهر لكونهما مرويين والجمع ممكن، فثبت فرضية مطلق المسح وسنية المسح عليهما كما قال الشافعي.

قلت: هذا السؤال غير وارد فلا يحتاج إلى قوله ينبغي.. إلخ، والعمل بما قاله الشافعي لو ورد حديث الظاهر والباطن، وإمكان الجمع بينهما في العمل وتأويله في جواب هذا السؤال بقوله: يحتمل أن يكون المراد من أعلاه مما يلي الساق، ومن أسفل ما يلي الأصابع، فلا يثبت سنية مسح الباطن، فالشك غير صحيح؛ لأن هذا مفسر فلا يحتاج إلى التأويل إذا لم يمكن الجمع، وقد أمكن كما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>