للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبي حنيفة إطلاق الأمر، والمفازة محل للحفظ إذا كان الطريق آمنا، ولهذا يملك الأب والوصي في مال الصبي. ولهما أنه يلزمه مؤنة الرد فيما له حمل ومؤنة، فالظاهر أنه لا يرضى به فيتقيد به.

ــ

[البناية]

واختلف أصحابنا بعد، فقال أبو حنيفة: لا يضمن قصر الخروج أو طال، وكان له حمل ومؤنة أو لا. وقال أبو يوسف: إن قصر الخروج لم يضمن بكل حال، وإن طال لم يضمن إلا فيما له حمل ومؤنة. وقال كذلك إلا فيما له مؤنة فإنه له مؤنة فإنه لا يملك وأن يخرج به قصر وأطال.

وفي " المبسوط " بعدما ذكر قول أبي حنيفة قال: إذا قربت المسافة فله أن يسافر بها، وإذا بعدت ليس له ذلك.

م: (لأبي حنيفة إطلاق الأمر) ش: أي أمر الآمر، لأنه أمره بالحفظ مطلقا فلا يتقيد بمكان كما لا يتقيد بزمان م: (والمفازة محل للحفظ إذا كان الطريق آمناً) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال سلمنا أن إطلاق الأمر يقتضي الجواز، لكن المانع عنه متحقق، وهو كون المفازة ليس محلاً للحفظ.

فأجاب بقوله والمفازة إلى آخره قيد بقوله آمناً لأنه إذا لم يكن آمناً أوجب الضمان م: (ولهذا) ش: أي ولكون المفازة محلاً للحفظ م: (يملك الأب والوصي في مال الصبي) ش: أي يملك السفر الأب والوصي بمال الصغير، فلو كان التلف مظنوناً لما جاز لهما ذلك.

فإن قلت: مسافرتهما بمال الصغير، فلو كان التلف مظنوناً لما جاز لهما ذلك. فإن قلت: بمسافرتهما بمال الصغير للتجارة والناس يخاطرون بها تطمع الربح والمودع ليس كذلك، لأنه ليس له حق التصرف والاسترباح فيها، فلا يكون الاستدلال به على المودع صحيحاً.

قلت: هذا توضيح الاستدلال، ولئن كان استدلالاً فهو صحيح، لأن ولايتهما على مال الصغير نظرية وأولى وجوه النظر غايته عن مواضع التلف، فلو كان في وهم الستر وهم التلف لما جاز، وحيث جاز بالاتفاق انتفى وهم التلف.

هذا حاصل ما ذكره السغناقي وتبعه على ذلك صاحب " الغاية " وصاحب " العناية "، ولكن هو محل المناقشة.

فإن لقائل أن يقول: لا نسلم جواز سفر الأب أو الوصي بمال الصغير، لأن الله أمر بالأحسن في قربان مال اليتيم فأين الأحسن والحسن في المسافرة بماله، ولا نسلم عدم كون السفر وهم التلف، وكون السفر مظنة التلف ومتحقق لا ينكر خصوصا في قيام الفتن بين الخلف. م: (ولهما أنه يلزمه) ش: أي أن المالك يلزمه م: (مؤنة الرد فيما له حمل ومؤنة فالظاهر أنه لا يرضى به فيتقيد به) ش: أي سفره بما ليس له حمل ومؤنة، لأن فيما له حمل ومؤنة إضرار

<<  <  ج: ص:  >  >>