وشرح ذلك أن دعوى كل واحد صحيحة لاحتمالها الصدق فيستحق الحلف على المنكر بالحديث، ويحلف لكل واحد على الانفراد لتغاير الحقين، وبأيهما بدأ القاضي جاز لتعذر الجمع بينهما وعدم الأولوية، ولو تشاحا أقرع بينهما تطييبا لقلبهما ونفيا لتهمة الميل. ثم إن حلف لأحدهما يحلف للثاني، فإن حلف فلا شيء لهما لعدم الحجة، وإن نكل أعني للثاني يقضي له لوجود الحجة. وإن نكل للأول يحلف للثاني ولا يقضي بالنكول بخلاف ما إذا أقر لأحدهما؛ لأن الإقرار حجة موجبة بنفسه فيقضي به، أما النكول إنما يصير حجة عند القضاء فجاز أن يؤخره ليحلف للثاني فينكشف وجه القضاء.
ــ
[البناية]
م:(وشرح ذلك) ش: أي الحكم المذكور م: (أن دعوى كل واحد صحيحة لاحتمالها الصدق فيستحق الحلف على المنكر بالحديث) ش: وهو قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» م: (ويحلف لكل واحد على الانفراد لتغاير الحقين) ش: لأن كل واحد منهما يدعي ألفًا م: (وبأيهما بدأ القاضي جاز لتعذر الجمع بينهما وعدم الأولوية) ش: لعدم المرجع.
م:(ولو تشاحا) ش: أي لو تنازعا في البداية بالحلف م: (أقرع بينهما تطييبًا لقلبهما ونفيًا لتهمة الميل) ش: أي ميل القاضي إلى أحدهما. م:(ثم إن حلف لأحدهما يحلف للثاني فإن حلف فلا شيء لهما لعدم الحجة) ش: يعني من جهة المدعين م: (وإن نكل أعني للثاني) ش: يعني بعدما حلف للأول م: (يقضي له) ش: أي للثاني م: (لوجود الحجة) ش: وهي النكول م: (وإن نكل للأول يحلف للثاني ولا يقضي بالنكول) ش: يعني للأول؛ لأن الثاني ربما يقول إنما نكل لأنك بدأت بالاستحلاف فلا تنقطع الخصومة بينهما.
فحاصل المسألة على أربعة أوجه؛ لأنه إما أن يحلف لكل منهما أو يحلف للأول منهما وينكل للثاني أو بالعكس، أو ينكل لهما فإن حلف لهما لا شيء لهما، وإن حلف للأول ونكل للثاني فالأول له ببدله أو بإقراره، وإن نكل للأول وحلف للثاني فالألف للأول ولا شيء للثاني، وإن نكل لهما فالألف بينهما وعليه ألف آخر بينهما؛ لأن نكوله أوجب لكل واحد منهما كل الألف ليس معه غيره.
م:(بخلاف ما إذا أقر لأحدهما؛ لأن الإقرار حجة موجبة بنفسه فيقضي به، أما النكول إنما يصير حجة عند القضاء) ش: بإنزاله مقرا أو باذلًا، فحين نكل الأول لم يثبت الحق له م:(فجاز أن يؤخره ليحلف للثاني فينكشف وجه القضاء) ش: فإنه لا يقضي بالألف للأول أو الثاني أو لهما جميعًا؛ لأنه حلف للثاني فلا شيء له والألف كله للأول، ولو نكل للثاني أيضًا كان الألف