للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه تبع للخف استعمالا وغرضا

ــ

[البناية]

الموق هو الخف لا الجرموق لأوجه، الأول: لأنه اسمه عند أهل اللسان.

الثاني: أنه لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه مسح على جرموقه.

الثالث: أن الحجاز لا يحتاج فيه إلى الجرموقين فينقد لبسه.

الرابع: أن الحاجة لا تدعو إليه في الغالب فلا تتعلق به الرخصة.

قال السروجي ما ملخصه: إن قوله الموق وهو الخف لا الجرموق غير مستقيم؛ لأن الجوهري والمطرزي والعكبري قالوا: إن الجرموق والموق يلبسان فوق الخف، فعلم أن الموق والجرموق متغايران وغير الخف، فبطل قوله: إن الموق هو الخف: وقال أبو البقاء وأبو نصر البغدادي: إن الموق هو الجرموق يلبس فوق الخف، فصار معنى قوله: إن الموق هو الخف لا الجرموق، وهذا ظاهر الفساد. وقوله: إنه لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان له جرموقان من صوف، والإثبات مقدم عليه. وقوله: إن الحجاز لا يحتاج فيه إلى الجرموقين ممنوع، بل يرده في الشتاء الشديد. وقوله: فإن الحاجة ما تدعو إليه إلخ يناقض مذهبهم في رخصة المسح عند عدم غلبة الحاجة، فعند عدم الحاجة أولى، وقد أثبتوها في هذه الأشياء عند عدم الحاجة، وهذا ظاهر بين ليس لهم معه كلام.

وقال الصنعاني في " العباب ": الجرموق الذي يلبس فوق الخف، ثم قال في باب الميم: الموق الذي يلبس فوق الخف فارسي معرب، وهو تقريب مؤكد. وقال الليث: الموقان ضرب من الخفاف يجمع أمواق.

قلت: إذا ثبت أن الجرموق غير الخف، وأن الموق هو الجرموق يكون استدلال المصنف ببلال وغيره الذي ذكره مستقيماً، وإذا ثبت أن الموق هو الخف على ما ذكره الفراء والهروي وكراع يكون استدلاله بالحديث المذكور غير مستقيم، ولهذا قال الأترازي: ولنا ما روي في " المبسوط «عن أبي ذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح على الجرموقين» ولم يذكر ما يذكره المصنف، ولكن قال النووي: لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه مسح على جرموق. والجواب الذي ذكره السروجي على هذا غير مستقيم على ما لا يخفى، ولكن روى محمد في كتاب " الآثار " قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يمسح على الجرموقين.

م: (ولأنه) ش: أي ولأن الجرموق م: (تبع للخف استعمالاً وغرضاً) ش: أي من حيث الاستعمال ومن حيث الغرض، أما الاستعمال فمن حيث المشي والقيام والقعود والانخفاض والارتفاع، فإنه أين ما دار الخف يدور معه، فكان تبعاً للخف في الاستعمال.

وأما الغرض من لبسه فإنه يلبس صيانة للخف عن الخرق والأقذار، كما أن الخف وقاية للرجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>