لأن الإعارة تمليك المنافع ولا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاك عينها، فاقتضى تمليك العين ضرورة، وذلك بالهبة أو القرض، والقرض أدناهما فيثبت، أو لأن من قضية الإعارة الانتفاع ورد العين فأقيم رد المثل مقامه.
ــ
[البناية]
قال الكاكي: ولا يعلم فيه خلاف إلا ما نقل عن بعض أصحاب الشافعي هذا إعارة فاسدة، ففي وجه يضمن كما في الصحيحة، وفي وجه لا يضمن لأنه إعارة فاسدة، ذكره في " شرح الوجيز ".
قلت: ذكر في " الروضة ": لا يجوز إعارة الطعام قطعًا والدراهم والدنانير على الأصح.
وقال الإمام: يجري الوجهان في إعارة الحنطة والشعير ونحوهما. وقال المتولي: هذا إذا أطلق إعارة الدراهم، أما إذا صرح بالإعارة للتزين فينتفي أن يقطع بالصحة.
وفي " الجواهر " للمالكية: ولو استعيرت الدراهم والدنانير لتبقى أعيانها كالصيرفي ما يجعلها بين يديه ليرى أنه ذو مال فيقصده البائع والمشتري، أو الرجل يكون عليه دين ونقل ما في يديه فيستعيرها لذلك فهذا يضمن إذا لم تقم البينة على تلفها، ولا يضمن مع الشهادة على ذهابها.
وفي " المغني " قال أبو بكر البلخي: قال أعرتك هذه الصنعة من أكثر من يد فأخذها كلها فعليه مثلها أو قيمتها، لما أن إعارة ما لا ينقطع إلا بهلاكه قرض.
قال أبو الليث: الجواب هكذا إذا لم يكن بينهما مباسطة أو دلالة الإباحة، وقوله: والمكيل يتناول كل مكيل، والموزون يتناول كل موزون، والمعدود يتناول كل المعدود، وقال الحاكم في " كافيه ": وعارية الدراهم والدنانير والفلوس قرض، وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد عددًا مثل الجوز والبيض، انتهى.
وفي العارية وكذلك الأقطان والصوف والإبريسم والميك والكافور وسائر متاع العطر والصيادلة لا يقع عليها الإجارة على منافعها قرض كذلك.
م:(لأن الإعارة تمليك المنافع، ولا يملك الانتفاع بها) ش: أي بالأشياء المذكورة م: (إلا باستهلاك عينها، فاقتضى تمليك العين ضرورة، وذلك) ش: أي تمليك العين م: (بالهبة أو القرض، والقرض أدناهما) ش: يعني ضررا على المعير؛ لأنه يوجب المثل، والهبة لا توجبه م:(فيثبت) ش: أي الأدنى؛ لأنه الثابت يقينا م:(أو لأن من قضية الإعارة الانتفاع) ش: أي انتفاع المستعير م: (ورد العين) ، ش: أي إلى المعير وقد عجز عن رده للاستهلاك م: (فأقيم رد المثل مقامه) ش: أي مقام العين.