ولكنه يكره لما فيه من خلف الوعد وضمن المعير ما نقص البناء والغرس بالقلع؛ لأنه مغرور من جهته حيث وقت له، فالظاهر هو الوفاء بالعهد فيرجع عليه دفعا للضرر عن نفسه، كذا ذكره القدوري في " المختصر ". وذكر الحاكم الشهيد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يضمن رب الأرض للمستعير قيمة غرسه
ــ
[البناية]
م:(ولكنه يكره لما فيه من خلف الوعد) ش: أي لما في الرجوع في الوقت من خلف الوعد وهي شعبة من النفاق م: (وضمن المعير ما نقص البناء والغرس) ش: أي نقصان م: (بالقلع) ش: أي بسبب القلع.
ووجهه إما ينظر كم يكون قيمة البناء والغرس إذا بقي إلى المدة المضروبة فيضمن ما نقص من قيمته، أي نقصان البناء والغرس فكلمة ما مصدرية، ويجوز أن تكون موصولة بمعنى الذي نقص البناء، فعلى هذا يكون البناء والغرس مرفوعين على الفاعلية على الأول، وعلى الثاني يكونان منصوبين على المفعولية والغرس بكسر الغين، وروي بالفتح على إرادة المغروس فيضمن ما نقص من قيمته، يعني إذا كانت قيمة البناء إلى المدة المضروبة عشرة دنانير مثلا، وإذا قلع في الحال يكون قيمة النقص دينارين يرجع بهما، وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يضمن لأن التوقيت والإطلاق سواء لبطلان الأجل في العواري.
ودليلنا هو قوله م:(لأنه مغرور من جهته) ش: أي لأن المستعير مغرور من جهة المعير م: (حيث وقت له، فالظاهر هو الوفاء بالعهد فيرجع عليه دفعا للضرر عن نفسه، كذا ذكر القدوري في المختصر) ش: حيث قال وإن وقت العارية فرجع قبل الوقت ضمن المعير ما نقض البناء والغرس بالقلع.
فإن قيل: الغرور الموجب للضمان هو ما كان في ضمن عقد المعاوضة، والإعارة ليست كذلك.
قيل له: إن التوقيت من المعير التزام منه لقيمة البناء والغرس إن أراد إخراجه قبل ذلك الوقت معنى، وتقدير كلامه: ابن في هذه الأرض لنفسك على أن أتركها في يدك إلى مدة كذا، فإن لم أتركها فأنا ضامن لك بقية مالك، وذلك لأن كلام العاقل محمول على الفائدة ما أمكن، وحيث كانت الإعارة بدون التوقيت صحيحة شرعا لا بد من فائدة كذكر الوقت وذلك ما قلنا.
م:(وذكر الحاكم الشهيد - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وهو ابن الفضل محمد بن أحمد السلمي المروزي صاحب التصانيف مصنف " الكافي " و " المنتقى " وغير ذلك، استشهد في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين ومائتين م:(أنه) ش: أي أن الشأن م: (يضمن رب الأرض للمستعير قيمة غرسه