وذلك غير موهوب، ولأن في تجويزه إلزامه شيئا لم يلتزمه وهو مؤنة القسمة، ولهذا امتنع جوازه قبل القبض لئلا يلزمه التسليم. بخلاف ما لا يقسم؛ لأن القبض القاصر هو الممكن فيكتفى به، ولأنه لا تلزمه مؤنة القسمة والمهايأة تلزمه، فيما لم يتبرع به وهو المنفعة والهبة لاقت العين.
ــ
[البناية]
(وذلك) ش: أي الغير م: (غير موهوب) ش: وغير ممتاز عن الموهوب، فصارت الحيازة ناقصة فلا ينتهض لإفادة الملك.
م:(ولأن في تجويزه) ش: عقد الهبة في المشاع م: (إلزامه) ش: أي إلزام الواهب م: (شيئا لم يلتزمه وهو مؤنة القسمة) ش: لأنه لو ملكه قبل القسمة لطالبه بالقسمة، فيصير عقد التبرع موجبا ضمان المقاسمة عليه وهو خلاف موضع التبرع.
فإن قيل: هذا ضرر مرضي؛ لأن إقدامه على هبة المشاع يدل على التزامه ضرر القسمة والصائر من الضرر ما لم يكن مرضيا.
أجيب بأن: المرضي منه ليس القسمة، ولا ما يستلزمها لجواز أن يكون راضيا بالملك المشاع، وهو ليس بقسمة ولا يستلزمها، قيل: هذه العلة غير مطردة؛ لأنهم قالوا: لا تجوز الهبة من الشريك وليس ثمة ضرر القسمة، وكذلك قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا تجوز هبة واحد من اثنين وليس في ضرر القسمة.
قلت: وجود العلة تراخي في جنس الحكم لا في كل صورة.
م:(ولهذا) ش: أي ولأن تجويز هذا العقد إلزام ما لم يلتزم م: (امتنع جوازه) ش: أي جواز ثبوت الملك م: (قبل القبض لئلا يلزمه التسليم) ش: وهو لا يتحقق بدون مؤنة القسمة م: (بخلاف ما لا يقسم؛ لأن القبض القاصر هو الممكن فيكتفى به) ش: ضرورة م: (ولأنه لا تلزمه مؤنة القسمة) ش: وقد قيل إن هذا الذي ذكره كله مرتب على اشتراط كمال القبض، وفي اشتراط أصله نظر، فكيف باشتراط كماله.
والصحيح جواز هبة المشاع ورهنه وإجازته ووقفه كما يجوز بيعه وقرضه والوصية به، ولا زال الناس على ذلك ولم يرد في رده كتاب ولا سنة ولا إجماع، فإن طلب الموهوب له القسمة وألزم بها الواهب فهو كما إذا ألزم بها البائع وقد باع حصة عما يملكه، فكان أن ذلك لا يمنع من صحة البيع وإن كان فيه إلزام بما لا يلتزمه، فكذلك لا يمنع من صحة الهبة.
م:(والمهايأة تلزمه) ش: هذا جواب سؤال يرد علينا، تقديره أن يقال ينبغي أن لا يجوز فيما لا يحتمل القسمة؛ لأنه يلزم المهايأة، وفي إيجابها إلزام ما لم يلتزم. وتقرير الجواب أن المهايأة تلزمه م:(فيما لم يتبرع به وهو المنفعة والهبة لاقت العين) ش: فلم يكن ذلك زمانا في عين