أحدهما لك هبة والآخر يكون عندك وديعة فضاعا جميعا يضمن درهما، وهو في الآخر أمين، وإنما ضمن الدرهم الهبة لأنه أخذ على فساده؛ لأن الهبة كانت غير مقسومة، وهكذا نقل في " الأجناس " من " النوادر " وهذا يشعر بأن الهبة الفاسدة مضمونة لا يملكها الموهوب. ألا ترى إلى ما ذكر في المضاربة الكبيرة، ولو دفع ألف درهم إلى رجل وقال نصفه هبة ونصفه مضاربة لم يجز الهبة؛ لأنه مشاع، ولو هلك عند القابض ضمن النصف وهو خمسمائة درهم.
وقال الولوالجي في " فتاواه ": رجل معه درهمان قال لرجل لك نصف هذا وقال آخر لك درهم منهما فالمسألة على وجهين إن كانا مستويين لا تجوز الهبة، وإن كانا مختلفين تجوز والفرق في (......) تناولت الهبة أحدهما وهو مجهول. وفي الثاني تناولت قدر درهم منهما مشاع لا يحتمل القسمة. وقال فيها أيضا رجلا وهب لرجلين درهما صحيحا تكلموا فيه، قال بعضهم: لا يجوز؛ لأن تنصيف الدراهم لا يضر، فكان مشاعا يحتمل القسمة، والصحيح أنه لا يجوز لأن الدرهم الصحيح لا يكسر عادة، فكان مشاعا لا يحتمل القسمة.
وفي " التقريب " للقدوري: قد روى ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن قال لرجلين وهبت منكما هذه الدار لهذا نصفهما صحت الهبة ولو قال وهبتك منك نصف هذه الدار ومن الآخر نصفها لم تصح الهبة؛ لأن في الأول أوقع العقد صفقة، ثم فسر مقتضى الصفقة في القسمة وفي الثاني فرق أحد الإيجابين عن الآخر.
وفي " التحفة ": هبة رجل من رجلين على أربعة أوجه، أحدها: أن يكون العقد مختلفا، والقبض مختلفا. ثانيا: أن يكون العقد معا والقبض مختلفا وكلاهما لا يجوز، وثالثها: أن يكون العقد مختلفا والقبض مغاير. ورابعا: أن يكون كلاهما معا فإن يقولا قبلناها وقبضناها فهما لا يجوز عند أبي حنيفة خلافا لهما، وهبة العين الواحدة لاثنين من اثنين لا يجوز عنده خلافا لهما. ولو كان من واحد لثلاثة جاز عنده خلافا لهما. قال صاحب " المجتبى ": وفيه نظر. ولو وهب لابنيه صغير وكبير لا يجوز بالاتفاق لتفرق القبض.