وقد أمكن؛ لأن الهبة من حكمها تأخر الملك إلى القبض وقد يتراخى عن البيع الفاسد والبيع من حكمه اللزوم، وقد تنقلب الهبة لازمة بالتعويض فجمعنا بينهما، بخلاف بيع نفس العبد من نفسه؛ لأنه لا يمكن اعتبار البيع فيه، إذ هو لا يصلح مالكا لنفسه.
ــ
[البناية]
أما اشتماله على الجهتين فظاهر، وأما إمكان الجمع بينهما فلما ذكره بقوله م:(وقد أمكن) ش: أي الجمع بينهما م: (لأن الهبة من حكمها تأخر الملك إلى القبض) ش: وقد يوجد ذلك في البيع، أشار إليه بقوله م:(وقد يتراخى) ش: أي الملك م: (عن البيع الفاسد والبيع) ش: أي والحال أن البيع م: (من حكمه اللزوم) ش: وبهذا ظهرت المناسبة بين البيع والهبة م: (وقد تنقلب الهبة لازمة بالتعويض) ش: يعني إذا قبض العوض م: (فجمعنا بينهما) ش: أي إذا كانت المناسبة بينهما متحققة جمعنا بينهما.
فإن قيل: المنافاة هنا ثابتة لأن قضية البيع اللزوم وترتب الملك عليه بلا فصل وحكم الهبة على عكسه، وتنافي الملازمين مستلزم لنا في الملزومين فتحقق المنافاة بين البيع والهبة ضرورة.
أجيب: بأن البيع قد يكون غير لازم كالبيع بالخيار وقد لا يترتب الملك عليه كما في البيع الفاسد لتوقفه على القبض فلم يكن اللزوم، والترتب من لوازمه ضرورة والهبة قد تقع لازمة كهبة القريب وبالعوض، وقد يترتب الملك عليها بلا فصل كما لو كانت الهبة في يد الموهوب له فلم يكن عدم اللزوم وعدم الترتيب من لوازمه ضرورة على أن المستحيل الجمع بين المتنافيين في حالة واحدة، فأما إذا جعلناها هبة ابتداء وبيعا انتهاء فلا.
م:(بخلاف بيع نفس العبد من نفسه) ش: هذا جواب عما قاله زفر والشافعي من قولهما، ولهذا كان بيع العبد من نفسه إعتاقا وتقريره أن بيع العبد من نفسه إنما جعل إعتاقا م:(لأنه لا يمكن اعتبار البيع فيه إذ هو لا يصلح مالكا لنفسه) ش: لأنه لا يملك غيره مالا فكيف يملك نفسه مالا.