فهذا اللفظ لا ينفي صلاحية غيره لأنه عوض مالي، والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة، أي مدة كانت لأن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيها معلوما إذا كانت المنفعة لا تتفاوت،
وقوله:
ــ
[البناية]
يصح العين ثمنا كانت بيعا بلا ثمن وهو باطل.
ويمكن أن يجاب عنه بأن النظر على المثال ليس من دواب المناظرين، فإذا كان الأصل صحيحا جاز أن يمثل بمثال آخر كالتمثيل بالمنفعة فإنها تصح أجرة إذا اختلفت جنس المنافع كما إذا استأجر سكنى دار بركوب دابة ولا يصلح ثمنا أصلا.
م:(فهذا اللفظ) ش: أشار به إلى قوله ما جاز أن يكون ثمنا في البيع، إلى آخر، وهذا لفظ القدوري م:(لا ينفي صلاحية غيره) ش: أي غير الثمن م: (لأنه) ش: أي لأن الأجرة والتذكير على تأويل الأجرة م: (عوض مالي) ش: فيعتمد وجود المال والأعيان والمنافع أموال مجاز أن يقع أجرة، وبه قال الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - حتى قالوا يجوز إجارة سكنى دار بسكنى دار؛ لأن السكنى يجوز أن يكون ثمنا فيجوز أن يكون أجرة، وكره الثوري الإجارة بطعام موصوف في الذمة. ثم الأجرة إن كانت من النقود يشترط بيان جنسها وصفتها بأنها جيدة أو وسط أو رديئة، وإن كانت مكيلا أو موزونا أو عدديا متقاربا يشترط فيها بيان القدر والصفة، ويحتاج إلى بيان مكان الإيفاء إذا كان له حمل ومؤنة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلافا لهما والثلاثة، وإن كان عرضا أو ثوبا يشترط فيه شرائط السلم، وفي هذا كله إذا كانت الأجرة حيوانا لا يجوز إلا إذا كان عينا فإعلامه بالإشارة لأنها أبلغ أسباب التعريف، وإن كانت الأجرة حيوانا لا يجوز إلا إذا كان عينا لعدم ثبوت الحيوان في الذمة بدلا عما هو مال.
م:(والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت) ش: هذا لفظ القدوري، وبه قال كافة أهل العلم إلا أن الأصحاب اختلفوا في مذهبه، فمنهم من قال: له قولان، أحدهما: كقول سائر أهل العلم وهو الصحيح، والثاني: لا يجوز أكثر من سنة؛ لأن الجواز للحاجة ولا حاجة في أكثر من السنة، ومنهم من قال قولا ثالثا: أنها لا تجوز أكثر من ثلاث سنين؛ لأن الغالب أن الأعيان لا تبقى أكثر منها وتتغير الأسعار والأجر.
قلنا: هذا مخالف لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص: ٢٧](القصص: الآية ٢٧) ، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم دليل على نسخه م:(لأن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيها معلوما إذا كانت المنفعة لا تتفاوت) ش: احترز بهذا عن استئجار الأرض للزراعة إلى مدة معلومة، حتى لا يصلح أن يسمى ما يزرع فيها على ما يجيء.