للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن تسليم عين المنفعة لا يتصور، فأقمنا تسليم المحل مقامه إذ التمكن من الانتفاع يثبت به، فإن غصبها غاصب من يده سقطت الأجرة؛ لأن تسليم المحل إنما أقيم مقام تسليم المنفعة للتمكن من الانتفاع، فإذا فات التمكن فات التسليم وانفسخ العقد فسقط الأجر.

ــ

[البناية]

المستأجر ببغداد حتى مضت مدة يمكنه المسير إلى الكوفة فلا أجر. وإن ساقها معه إلى الكوفة ولم يركب وجب الأجر. وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - يجب الأجر في الوجهين؛ لأن المنافع بلغت تحت يده باختياره.

قلنا: العقد وقع على المسافة كان بالتسليم في غيرها لا يستحق البدل، وينبغي أن يكون التمكن من الاستيفاء من المدة، فإنه لو استأجر دابة إلى الكوفة في هذا اليوم وذهب إليها بعد مضي اليوم بالدابة ولم يركب لا يجب الأجر، وإن استأجر دابة إلى مكة فلم يركبها، بل مشى فإن كان بغير عذر في الدابة فعليه الأجر، وإن كانت لعلة في الدابة بحيث لم يقدر على الركوب لا أجر عليه.

ولو استأجر ثوبا ليلبسه كل يوم بدانق فوضعه في بيته ولم يلبسه حتى مضى عليه سنون فعليه لكل يوم دانق ما دام في الوقت الذي يعلم أنه لو كان لبسه لا ينخرق لتمكن اللبس، فإذا مضى وقت يعلم أنه لو كان يلبسه ينخرق سقط عنه الأجر لتعذر جعله منتفعا به.

وفي النوازل نظر لهذا بالمرأة إذا أخذت الكسوة من الزوج ولم تلبس ولبست ثوب نفسها إذا مضى وقت لو لبسته لبسا معتادا ينخرق كان لها ولاية المطالبة بكسوة أخرى وإلا فلا.

وفي " خلاصة الفتاوى ": إذا أجر دارا وسلمها فارغة إلا بيتا، كان مشغولا بمتاع الأجر أو سلم إليه جميع الدار ثم انتزع بيتا منها من الدار رفع عن الأجر بحصة البيت.

وسكوت المصنف عن هذه القيود للاختصار اعتمادا على دلالة الحال والعرف، فإن حال المسلم دالة على أن يباشر العقد الصحيح، وعلى أن العاقد يجب عليه تسليم ما عقد عليه فارغا عما يمنع من الانتفاع به، والعرف فاش في تسليم المعقود عليه في مدة العقد والمكان، فكان معلوما عادة، وعلى أن الإكراه والغصب مما يمنعان عن الانتفاع فاقتصر عن ذلك اعتمادا عليهما.

م: (لأن تسليم عين المنفعة لا يتصور فأقمنا تسليم المحل مقامه، إذ التمكن من الانتفاع يثبت به) ش: أي بتسليم المحل م: (فإن غصبها) ش: أي العين المستأجرة م: (غاصب من يده سقطت الأجرة؛ لأن تسليم المحل إنما أقيم مقام تسليم المنفعة للتمكن من الانتفاع، فإذا فات التمكن فات التسليم وانفسخ العقد) ش: وذكر الفضل قاضي خان في الفتاوى لا لتنفسخ الإجارة ولكن م: (فسقط الأجر) ش: ما دامت في يد الغاصب، وبه قال الشافعي، ولكن له حق الفسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>