. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قلت: دم ولكنه فاسد، والذي يخرج من رحم المرأة ليس بفاسد.
فإن قلت: الذي تراه الصغيرة استحاضة، فلذلك احترز بقوله: والصغر.
قلت: لا يقال له: استحاضة؛ لأنها لا تكون إلا على أثر حيض على صفة لا يكون حيضاً، فلذلك قلنا: إنه دم فاسد.
وأما سبب الحيض في الابتداء، فقيل: إن أمنا حواء - عَلَيْهَا السَّلَامُ - لما تناولت من شجرة الخلد ابتلاها الله بذلك وبقي في بناتها إلى يوم القيامة.
وأما ركنه: فامتداد دور الدم؛ لأن ركن الشيء ما يقوم به ذلك الشيء، والحيض يقوم به.
وأما شرطه: فتقدم نصاب الطهر حقيقة وحكماً وفراغ الرحم عن الحبل.
وأما قدره: فنوعان الأقل والأكثر، وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
وأما ألوانه: فسيجيء إن شاء الله تعالى عند قوله: وما تراه المرأة.. إلى آخره، وقدم الكمية على الكيفية؛ لأن الكمية: عبارة عن المقدار في الذات، والكيفية راجعة إلى الصفة، والذات مقدمة على الصفة.
وأما بيان أوانه: فقد اختلف في مدة الحكم ببلوغها، فقال بعضهم: ست سنين، وقيل: سبع سنين. وقال محمد بن مقاتل: تسع سنين، وبه أخذ أكثر المشايخ وهو [قول] الشافعي وأحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وقال أبو علي الدقاق: اثنتا عشرة سنة اعتباراً للعادة في زماننا، كذا في " المحيط ".
واختلف في زمان الإياس، فقيل: ستون سنة، وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المولدات ستون سنة، وفي الروميات خمس وخمسون سنة، وقيل: أقرابها من قرابتها، وقيل: يعتبر تركيبها لاختلاف الطبائع باختلاف البلدان، وعن أحمد خمسون سنة في العجمية وستون في العربية.
وقال الصاغاني: ستون سنة، وقيل: لم يقدر بشيء، فإذا غلب على ظنها الإياس فاعتدت بالشهور، ولو رأت دماً في أثناء الشهور وانقضى ما مضى من عدتها وبعد تمامها لا تبطل وهو المختار، وعند الأكثر: خمس وخمسون سنة، والفتوى في زماننا عليه، وهو قول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وسفيان الثوري، وابن المبارك، ومحمد بن مقاتل الرازي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وبه أخذ نصر بن يحيي، وأبو الليث السمرقندي، والمصنف لم يذكر الوقت، وابتدأ الباب ببيان المقدار، ثم باللون، ثم بالحكم.