أما الجواز فلقوله تعالى:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣](النور: الآية ٣٣) ، وهذا ليس أمر إيجاب بإجماع بين الفقهاء، وإنما هو أمر ندب هو الصحيح، وفي الحمل على الإباحة إلغاء الشرط، إذ هو مباح بدونه. أما الندبية فمعلقة به، والمراد بالخير المذكور على ما قيل أن لا يضر بالمسلمين بعد العتق، فإن كان يضر بهم فالأفضل أن لا يكاتبه وإن كان يصح لو فعله.
ــ
[البناية]
م:(أما الجواز) ش: أي جواز الكتابة يعني الدليل على جوازها م: (فلقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣] (النور: الآية ٣٣) ش: أي كاتبوا الذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم ودلالة هذا على مشروعية العقد لا تخفى على عارف بلسان العرب، سواء كان الأمر للوجوب أو لغيره.
ولما كان مقصود المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - بيان أن عقد الكتابة أمر مندوب أو واجب تعرض لذلك بقوله م:(وهذا ليس أمر إيجاب بإجماع بين الفقهاء) ش: أي قوله {فَكَاتِبُوهُمْ}[النور: ٣٣] ليس أمر إيجاب، واحترز بقوله الفقهاء عن داود الظاهري ومن تابعه، وعمرو بن دينار وعطاء ورواية صاحب التقريب عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ورواية عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإنهم قالوا تجب الكتابة إذا سئل العبد، وكان ذا أمانة وذا كسب، لأن الأمر للوجوب.
ونفى المصنف ذلك بقوله: م: (وإنما هو أمر ندب هو الصحيح) ش: احترز به عن قوله بعض مشايخنا إن الأمر للإباحة ثم بين ما يلزم من المحذور من هذا القول بقوله: م: (وفي الحمل على الإباحة إلغاء الشرط) ش: وهو قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣](النور: الآية ٣٣) .
م:(إذ هو) ش: أي عقد الكتابة م: (مباح بدونه) ش: أي بدون شرط. تقريره أن في الحمل على الإباحة ألغى الشرط، لأنها ثابتة بدونه بالاتفاق، وكلام الله تعالى منزه عن ذلك. وفي الحمل على الندب إعمال له، لأن الندبية معلقة به، وهو معنى قوله م:(أما الندبية فمعلقة به) ش: أي بالشرط، وبين ذلك بقوله م:(والمراد بالخير المذكور) ش: يعني في قَوْله تَعَالَى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣] .
م:(على ما قيل: أن لا يضر بالمسلمين بعد العتق، فإن كان يضر بهم فالأفضل أن لا يكاتبه) ش: بأن كان غير أمين ولا مشتغل بالكسب م: (وإن كان يصح لو فعله) ش: واصل بما قبله، يعني وإن كان يضر بهم لو فعل المولى عقد الكتابة صح، وفسرت الثلاثة الخيرية بمثل قولنا وهي الأمانة والكسب، وبه قال عمرو بن دينار.
وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وابن عمر، وعطاء: الخير الكسب خاصة. وعن الثوري والحسن البصري أنه الأمانة والدين خاصة، وقيل هو الوفاء والأمانة والصلاح. وإذا فقد الأمانة فالكسب لا يكره عندنا. وبه قال الشافعي ومالك - رحمهما الله -. وقال أحمد