من الشهر، فلتترك قدر ذلك من الشهر، ثم تغتسل وتصلي» فأجابها بذكر عدد الليالي والأيام من غير مسألة لها عن مقدار حيضها قبل ذلك، وأكثر ما يتناوله الأيام عشرة وأقله ثلاثة.
قلت: روى هذا الحديث أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من حديث سليمان بن يسار عنها. قال النووي: إسناده على شرطهما. وقال البيهقي: هو حديث مشهور، إلا أن سليمان لم يسمعه منها، وفي رواية لأبي داود عن سليمان أن رجلاً أخبره عن أم سلمة، والدارقطني عن سليمان: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت فأمرت أم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وقال المنذري: لم يسمعه سليمان، وقد رواه موسى بن عقبة عن نافع، عن سليمان بن يسار عنها، وساقه الدارقطني من حديث جويرية عن نافع عن سليمان، أنه حدثه رجل عنهما.
قوله: تهراق على صيغة المجهول في الرواية والدم منصوب، وفي رواية: الدماء، أي تهراق هي الدماء فينصب الدماء على التمييز، وإن كان معرفة وله نظام، ويجوز رفع الدماء على تقدير تهراق دماءها وتكون الألف واللام بدلان عن الإضافة. وقوله:" لتنظر عدد الليالي والأيام "، أي تحتسب عدد الليالي والأيام التي تحيض فيها قبل أن يصيبها الذي أصابها وهو الاستحاضة فلتترك الصلاة قدر ذلك أي قدر ما كنت تراه قبل ذلك، مثلاً إن كانت عادتها من كل شهر عشرة أيام، إما من أولها وإما من أوسطها وإما من آخرها تترك الصلاة عشرة أيام من هذا الشهر فغير ذلك.
فإن قلت: من أين كانت تحفظ هذه المرأة عدد أيامها التي كانت تحيضها أيام الصحة.
قلت: ولم تكن تحفظ ذلك لم يكن لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر» ، قبل أن يصيبها الذي أصابها معنى لا يجوز، يردها إلى رأيها ونظرها في أمر هي غير عارفة بكنهه.
فإن قلت: كيف الأمر فيمن لم تحفظ عدد أيامها.
قلت: هذه مسألة مشهور في الفروع، وهي أنه يجب من كل شهر عشرة أيام حيضها، ويكون الباقي استحاضة، واحتج الأترازي لأصحابنا بما احتج به أبو بكر الرازي في " شرح مختصر الطحاوي " على تقدير أقل الحيض وأكثره، فقال: والأصل فيه ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش «دعي الصلاة أيام محيضك» وفي بعض الألفاظ: أيام أقرائك من كل شهر، وقال: المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، وأقل ما يتناوله اسم الأيام ثلاثة أيام.