لما روينا وهو حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في التقدير بخمسة عشر يوما
ــ
[البناية]
فتجري فيه أحكام الاستحاضة م:(لما روينا) ش: والمصنف لم يرو الحديث ولا يشير لأحد من الصحابة، وإنما ذكره م:(وهو) ش: أي الحديث المذكور م: (حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في التقدير) ش: أي في تقدير أكثر الحيض م: (بخمسة عشر يوماً) ش: وبه قال مالك، وأحمد في رواية، وأبو يوسف أيضاً في رواية، وأبو حنيفة أولاً، وداود، وأظهر الروايات عن أحمد: أنه سبعة عشر يوماً، وهو رواية عن مالك. وعنه: لا حد لقليله ولا لكثيره، ولم يذكر المصنف حجة الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولا حجة مالك.
وأما حجة الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ومن وافقه فهو حديث رووه عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«تمكث إحداكن شطر عمرها أو دهر لا تصلي» وقال الشطر: النصف، فدل على أن أكثره خمسة عشر يوماً.
قلت: ذكر السغناقي هذا الحديث ولفظه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نقصان دين المرأة:" تقعد «إحداهن شطر عمرها لا تصوم ولا تصلي» ، وذكره الأترازي فقال قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أقدر على سلب عقول ذوي الألباب، قيل: يا رسول الله! ما نقصان عقلهن ودينهن؟ فقال: أما نقصان عقلهن: فشهادة امرأتين شهادة رجل، وأما نقصان دينهن: فلأن إحداهن تمكث شطر عمرها لا تصلي» فعلم بهذا أن أكثر الحيض مقدر بخمسة عشر يوماً. وقال ابن منده: لا يثبت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوجه من الوجوه، وقال ابن الجوزي: هذا لا يعرف. وقال النووي: هذا حديث باطل لا يعرف.
وقال البيهقي في كتاب " المعرفة ": والذي يذكره بعض فقهائنا من قعودها شطر عمرها أو دهرها لا تصلي، قد طلبت كثراً فلم أجده في شيء من كتب أصحاب الحديث، ولم أجد له إسناداً بحال، فهذا الحديث لم يثبت، وإنما الثابت من " الصحيحين " حديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ما رأيت ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قال: وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر رمضان، فهذا نقصان الدين» والعجب من الأترازي يذكر هذا الحديث ويرضى به ويسكت، مع ادعائه أن له يداً في الحديث، ولم يكن له فيه غير قوله: لا نسلم أن مكث إحداهن شطر عمرها يدل على ما قلتم، بل المكث بهذه الصفة حاصل فيما قلنا، ألا ترى أن المرأة إذا بلغت بخمسة عشر سنة ثم حاضت من كل شهر عشرة أيام ثم ماتت بعد ستين سنة تكون تاركة الصلاة نصف عمرها لا محالة.
وقال السغناقي في جوابه: المراد ليس حقيقة الشطر؛ لأن في عمرها زمان الصغر ومدة الحبل وزمان الإياس، ولا يختص في شيء من ذلك، فعرفنا أن المراد به ما يقارب الشطر حيضاً، وإذا قدرنا بالعشرة بهذه الآثار فقد جعلنا ما يقارب الشطر حيضاً. وأما حجة مالك فإنه يقول: الكتاب