للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قلت: لا إشكال في كونه حيضاً، واستدل به صاحب " الدراية " ثم الأكمل في ذلك بقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «دم الحيض أسود غليظ محترم» ، وذكره الأترازي أيضاً ولم بين أحد منهم راويه من هو، ولا مخرجه من هو.

قلت: هذا روي من وجوه مختلفة، فروى أبو داود من حديث فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما ذلك عرق» .

وأخرجه النسائي أيضاً وزاد بعضهم فيه: و «أنه له رائحة» بعد قوله: " تعرف "، وليس كذلك بقولهما ودفع الشافعية تبعاً للنهاية بعد قوله: فإنما هو عرق انقطع، وأنكر ابن الصلاح والنووي وابن الرفعة قوله: " انقطع " وليس كذلك فإنه موجود في " سنن " الدارقطني والحاكم، والبيهقي، من طريق ابن أبي مليكة: جاءت خالتي فاطمة بنت حبيش إلى عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فذكر الحديث، وفيه: «فإنما هو داء عرض، أو ركضة من الشيطان أو عرق انقطع» .

وذكر الشافعية في صفته الأسود؛ لأنه محترم وليس له أصل، بل وقع في " تاريخ " العقيلي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: دم الحيض أحمر قاني، ودم الاستحاضة كغسالة اللحم، ووقعت الصفة المذكورة في كلام الشافعي في " الأم "، وذكروا أيضاً في صفته أنه أحمر سرق وليس له أصل، ولكن روى الدارقطني، والبيهقي، والطبراني من حديث أبي أمامة مرفوعاً: «دم الحيض أسود خاثر تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة أسود رقيق» ، وفي رواية: «دم الحيض لا يكون إلا أسود غليظا تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة دم رقيق تعلوه صفرة» ، وذكر صاحب " المحيط " حديث فاطمة بنت أبي حبيش وفيه: «ليست بالحيضة، إنما هي ركضة من الشيطان، أو عرق عند، أو داء اعترض» .

قلت: قوله: " عرق عند "، ليس في كتب الحديث، وقوله: " أو داء اعترض " ذكره الدارقطني، ووقع في الطحاوي: «ولكن عرق فتقه إبليس» ، وذكر أصحابنا في الحديث «عرق انفجر» ، وهذا ذكره الشيخ تقي الدين في " شرح العمدة "، والذي وقع في البخاري ومسلم: «فإنما هو عرق» أي دم عرق، وهذا العرق يسمى العاذل. وفي " المبسوط ": قالت فاطمة بنت قيس لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إني أستحاض فلا أطهر، هذا وهم، وليست هي فاطمة بنت قيس، وإنما هي فاطمة بنت أبي حبيش كما مر آنفا، وفاطمة بنت قيس هي التي بت طلاقها زوجها، وقالت: لم يجعل لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفقة ولا سكنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>