- رَحِمَهُ اللَّهُ - في نصيبه. وعندهما في الكل ويثبت للساكت حق الفسخ بالاتفاق، فلو لم يفسخ حتى أدى البدل عتق حظه عند أبي حنيفة، وللساكت أن يأخذ من المكاتب نصف ما أخذ من البدل؛ لأنه عبد مشترك.
قلت: كيف يقول نفذت بالإجماع، وفيه خلاف مالك والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على ما نبين، فنقول: إن أذن أحد الشريكين للآخر بالكتابة جازت، خلافا لمالك والشافعي في قول، وبغير الإذن أيضا يجوز عندنا، ولكن لصاحبه نقضه.
وقال الشافعي ومالك: لا يجوز. وقال أحمد والحسن وابن أبي ليلى: يجوز بغير الإذن أيضا ولا ينقضه صاحبه، فإذا أدى العبد البدل ومثله للساكت يعتق.
فإن قيل: الكتابة إما أن يعتبر فيها معنى المعاوضة أو معنى الإعتاق أو معنى تعليق العتق بأداء المال. ولو وجد شيء من ذلك من أحد الشريكين بغير إذن صاحبه ليس للآخر ولاية الفسخ، فمن أين كتابة ذلك؟
أجيب: بأن الكتابة ليست عين كل واحد من المعاني المذكورة، وإنما هي تشتمل عليها، فيجوز أن يكون لها حكم يختص وهو ولاية الفسخ لمعنى توجيه، وهو إلحاق الضرر ببطلان حق البيع للشريك الساكت بالكتابة.
ويصرف الإنسان في خالص حقه إنما يتنوع إذا لم يقصر به الغير، ثم المحل وهي الكتابة تقبل الفسخ، ولهذا ينفسخ بتراضيهما فيتحقق المقتضى، وانتفى المانع.
وأما المعاني المذكورة فالمعاوضة وإن قبلت الفسخ لكن ليس فيها ضرر لصاحبه، فإنه إذا باع نصيبه لم يبطل على صاحبه بيع نصيبه والإعتاق والتعليق وإن كان فيها ضرر، لكن المحل لا يقبل الفسخ، أما الإعتاق فظاهر، وأما التعليق فلأنه يمين.
ثم اعلم أن هذا الذي ذكرنا إذا كاتبه أحد الشريكين، فأما إذا كاتبه الشريكان معا كتابة واحدة يجوز، وبه قالت الثلاثة، فإذا أدى إلى أحدهما حصته لم يعتق نصيبه أو وهب له عتق.
ثم المكاتب بالخيار بعد إعتاق أحدهما إن شاء عجز ويكون الشريك بالخيار بين التضمين والسعاية في نصف القيمة، والعتق في قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وبين العتق والسعاية إن كان معسرا، وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يضمن المعتق إن كان موسرا ويسعى العبد من نصف قيمته إن كان معسرا. وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يضمن الأقل من نصف القيمة ونصف ما بقي من كتابته، وكذا العبد يسعى في الأقل عند البدل، أي بدل الكتابة.