وأما حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي فأخرجه أحمد في " مسنده "، وقال: حدثنا هارون قال: حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني حيوة بن شريح أخبرني عروة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وهو من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«ويل للأعقاب من النار، وبطون الأقدام من النار» وإسناده حسن، وقد أخرجه الطحاوي، والطبراني أيضا. فقوله:" ويل للأعقاب من النار " وعيد لا يجوز أن يخلف إلا بترك الفروض، وهذا يوجب استيعاب الرجل بالغسل،
وفي " العناية ": وأما وظيفة الرجلين ففيها أربعة مذاهب.
الأول: هو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل السنة والجماعة أن وظيفتهما الغسل، ولا يعتد بخلاف من خالف ذلك.
الثاني: هو مذهب الإمامية من الشيعة أن الفرض مسحهما.
الثالث: وهو مذهب الحسن البصري، ومحمد بن جرير الطبري، وأبي علي الجبائي: أنه مخير بين المسح والغسل.
الرابع: مذهب أهل الظاهر وهو رواية عن الحسن أن الواجب الجمع بينهما، وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - هما غسلان، ومسحان، وعنه ما أمر الله بالمسح للناس إلا بالغسل، وروي أن الحجاج خطب بالأهواز فذكر الوضوء فقال:" اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم فإنه ليس شيء من ابن آدم أقرب من جنبه من قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما "، فسمع ذلك أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال: صدق الله، وكذب الحجاج، قال الله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٦] ، وكان عكرمة يمسح رجليه، ويقول: ليس في الرجلين غسل، وإنما هو مسح، وقال الشعبي: نزل جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالمسح، وقال قتادة: فرض الله غسلين ومسحين، ولأن قراءة الجر محله في المسح؛ لأن المعطوف يشارك المعطوف عليه في الكلمة؛ لأن العامل الأول ينصب عليهما إنصابة واحدة بواسطة الواو عند سيبويه، وعند البصريين يقدر الثاني جنس الأول، والنص يحتمل العطف على الأول على بعد، فإن أبا علي قال: قد أجاز قوم النصب عطفا على {وُجُوهَكُمْ}[المائدة: ٦] وإنما يجوز وأشبهه في الكلام المعتبر، وفي ضرورة الشعر، وما يجوز على مثله هجنة العي وظلمة للبس وتقديره أعط زيدا