البخاري في " صحيحه " تعليقاً، ولفظه: قال: وكن يبعثن إلى عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بالكرسف فيه الصفرة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
قوله: بالدرجة: بكسر الدال وفتح الراء جمع درج، مثل حرج حرجة، وترس وترسة، والدرج كالغط الصغير، تضع فيه المرأة حق متاعها وطيبها، وقيل: إنما هي الدرجة، وبالضم تأنيث درج، وجمعها الدرجة بضم الدال.
والكرسف بضم الكاف، قال ابن الأثير: هو القطن، وقال غيره: الكرسف خرقة أو قطنة ونحو ذلك تدخله المرأة فرجها لتعرف هل بقي شيء من أثر الحيض أم لا، ويستحب أن تكون مطيبة بالمسك أو الغالية لتدفع رائحة دمها، قال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لامرأة استحيضت:«خذي فرصة ممسكة» ، والفرصة بضم الفاء قطعة من صوف أو قطن أو خرقة، والممسكة المطيبة بالمسك، وفي رواية عن بعضهم حكاه أبو داود: قرصة، بالقاف، أي شيئاً يسيراً مثل القرصة بطرف الأصبعين، وحكي عن أبي قتيبة، قرضة بالقاف والضاد المعجمة أي قطعة من القرض هو القطع، والقصة بفتح القاف، وتشديد الصاد المهملة الجصة يشبة الرطوبة الصافية بعد الحيض بالجص، وقيل: القصة شيء يشبه الخيط الأبيض يخرج من قبل النساء في آخرهن أيامهن تكون علامة طهرهن، وقيل: ماء أبيض يخرج في آخر الحيض.
وفي " المحيط ": القصة في حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الطين الذي يغسل به الرأس وهو أبيض يضرب لونه إلى الصفر، أرأيت أنها لا تخرج من الحيض حتى ترى البياض الخالص، ويخرج من الطين بالحفوف أيضاً. وفي " المبسوط ": القصة الببلون الذي يغسل به الرأس وهو أبيض يضرب لون إلى الصفرة.
قلت: الببلون بفتح الباء الموحدة وسكون الباء الأخيرة وضم اللام وسكون الواو وفي آخره نون وهو الذي يقال له الطفل وهو لغة بلدية.
م:(وهذا لا يعرف إلا سماعاً) ش: أي هذا الذي جعلته عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لا يعرف إلا من حيث السماع فيحمل على أنها سمعت من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن العقل لا يهتدي لمثل هذا، وقال الأترازي: وهذا الذي قلنا مذهب علمائنا.
قلت: مقصوده هو الذي قاله لا يهتدي إليه إلا من طريق السماع من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والذي ذكرنا أجود وأصوب ولا يقال: إن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دم الحيض أسود عبيط محترم» يدل على أن هذه الأشياء ليست بحيض وهو أقوى من فعل عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فلا يجوز تركه به؛ لأنا نقول: تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، وقد عرف في الأصول.