فينزل حيا تقديرا، أن يستند الحرية باستناد سبب الأداء إلى ما قبل الموت، ويكون أداء خلفه كأدائه
ــ
[البناية]
المقدورية والمفعولية والموت آنفا للقادرية والفاعلية منه للمقدورية والمفعولية، إذ القادرية لا تجتمع مع الموت والمقدورية تجتمع معه.
ولما أسقط الشرع اعتبار أقوى المناقضين في فصل موت المكاتب لحاجة العبد لا حصول شرف الحرية وحاجة المالك إلى ما يتعلق بالمعتقية من الآثار والأحكام، فلأن يسقط اعتبار أدنى المناقضين كان ذلك أولى، أو نقول المالكية قدرة المملوكية عجز، والموت عجز أيضا، فالمنافاة بين القدرة والعجز والتحقيق هاهنا أن الإجماع انعقد على جعل المولى معتقا بعد موته بالطريق الأولى؛ لأن الإعتاق فعل، وكونه معتقا وصف وليس بفعل، والموت ينافي الأفعال ولا ينافي الصفات، فإذا جعل معتقا بعد الموت كان جعل المكاتب معتقا بالطريق الأولى.
م:(فينزل حيا تقديرا) ش: إذا كان الأمر كذلك ينزل المكاتب حيا تقديرا، وهذا جواب عن الترديد الذي ذكره الخصم.
تحريره أن ثبوت الحرية على كل طريق ممكن ولا يلزم الفساد؛ لأنه لو ثبت الحرية بعد الموت ينزل حيا كما ينزل الميت في حق بقاء التركة، على حكم ملكه فيما إذا كان عليه دين مستغرق.
وفي حق التجهيز والتكفين وتنفيذ الوصايا في الثلث لو ثبت قبل الموت تستند الحرية مع إسناد سببها، وهو معنى قوله م:(أو يستند الحرية) ش: وفي بعض النسخ أو يسند الحرية م: (باستناد سبب الأداء) ش: الذي هو عقد الكتابة م: (إلى ما قبل الموت) .
ش: فإن قيل: يلزم تقديم المشروط على الشرط.
أجاب المصنف: بقوله م: (ويكون أداء خلفه كأدائه) ش: فلا يلزم من ذلك ولا يتوهم أن العتق يتقدم على الأداء، بل يقدر الأداء قبل العتق.
فإن قيل: الأداء فعل حسي، والإسناد إنما يكون في التصرفات الشرعية.
أجيب: نعم فعل النائب مضاف إلى المنوب، وهذه الإضافة وشريعته من رمى صياد فمات الرامي قبل أن يصيب ثم أصاب صار مالكا له ويورث عنه، والميت ليس بأهل.
ولكن لما صح السبب والملك يجب بعد تمام السبب فالملك وتمامه بالإضافة إلى آخر من أجزاء حياته فكذا هاهنا لما كان السبب منعقدا وهو عقد الكتابة والعتق موقوف على الأداء، والأداء جائز بعد الموت.