عليك ذلك يقبض من عنده بعد الجثو على الركب بحضرة المحققين، فذلك الفوز العظيم قدره، وإلا فإياك ودعوى معرفة الهداية، فتكون من الجهلة الذين ظهر عند ذوي التحصيل عذرهم فألحق بالآخرين الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا انتهى كلامه.
فنقول - وبالله التوفيق -: المدعي هاهنا أن موت المكاتب لا يوجب الفسخ؛ لأن موت المولى لا يوجبه، فكذا موت المكاتب؛ لأن العدم في الصورة الاتفاقية ثابت بالإجماع، فكذا في النزاعية بالقياس عليه؛ لأن العدم في الاتفاقية إنما كان لتحصيل المصالح المتعلقة بالعقد بشهادة المناسبة، فكذا في النزاعية وهي الإضافة في الدعوى، فإن منع حققها في تلك الصورة.
أجيب: إنما هي محققة فيها، فإن المسألة المتعلقة بالعقد أمور مطلوبة، فإن منع المطلوبة أجيب بأنه مكابرة؛ لأنها هي المطلوبة في التحقيق عند العقلاء، فإن كان عاقلا لو خير بين أن يحصل المصالح المتعلقة بالعقد وبين أن لا يحصل فإنه كان يختار الحصول على عدم الحصول.
فإن قيل: الأصل في الحكم في الأصل أن لا يضاف إلى المشترك لرجحانه.
أجيب: بأن الحكم يضاف إلى ما هو اللازم فيهما أو في الفرع على تقدير اللزوم في الأصل، وأنه هو المشترك بينهما.
تحقيقه أن الحكم في الأصل أن يضاف إلى المشترك؛ لأنه يضاف إليه أو إلى ما يحقق الإضافة إليه، يعني تحقق إضافة إلى الإضافة إلى المشترك لقيام الدليل على كل واحد منهما وهو المناسبة. فأما ما كان يكون مضافا إلى المشترك فإذا ثبت هذا نقول العدم في الاتفاقية يدل على أحد الأمرين، أحدهما المشترك بين الوجوبين، وهو كون الوجوب محصلا للمصالح المتعلقة بالعقد لا يكون عنه أصلا. يعني لا في الأصل وهو الصورة الاتفاقية، ولا في الفرع وهو الصورة النزاعية.
والثاني المشترك بين العدمين وهو المانع عن الوجوب قطعا، فإنه إذا لم يتحقق أحدهما يلزم الوجوب في الاتفاقية بالمقتضى السالم عن المعارضين القطعيين، أحدهما مانعة المشترك بين العدمين، معاوضة للمقتضى للوجوب. وأما بيان الأمرين فلأنها تقتضي العدم لأن المشترك بين العدمين إذا كان مانعا فيهما كان العدم في الاتفاقية ثابتا. وأما كون شمول العدم معارضا للمقتضى للوجوب الظاهر، وأما بيان سلامة المقتضى على تقدير عدم الأمرين فإنهما منتفيان على هذا التقدير.