واعلم أنه بقي من الأنواع العشرة نوعان: أحدهما وقت ثبوت الحيض والآخر حكمه، والمصنف ذكر حكمه على ما يأتي عن قريب.
وأما ثبوته فلا يكون إلا بالبروز، وعن محمد أنها إذا أحست بالبروز يثبت حكم الحيض والنفاس أيضاً إلا بالبروز. وثمرة الاختلاف تظهر فيما إذا توضأت المرأة ووضعت الكرسف ثم أحست أن الدم نزل منها فأدخلت الكرسف قبل غروب الشمس فالصوم تام عند محمد، وعندهم تقضي. ثم البروز إنما يعلم بمجاوزة موضع البكارة اعتباراً بنواقض الوضوء، والاحتشاء يسن للثيب ويستحب للكبر حالة الحيض، وأما في حالة الطهر فيستحب للثيب دون البكر، ولو صلتا بغير كرسف جاز. وفي " المفيد " قيل في بنت سبع سنين يكون ما تراه حيضاً، لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أمرههم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً» والأمر للوجوب، والصحيح أنه استحاضة والأمر للاستحباب ليتمرنوا على الصلاة، ويتخلقوا بها كما يؤمر المراهق بالغسل من الجماع تخلقا به، ولهذا لم يؤمر بوضوئه، بخلاف التسع «فإنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بنى بعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وهي بنت تسع سنين» والظاهر أنه كان بعد بلوغها.
وفي " الأسبيجابي " عن أبي نصر: بنت ست لو رأت الدم من غير آفة حيض، وما دون الست إجماع أنه ليس بحيض، وبنت ست اتفاق أنه حيض واختلفوا فيما بينهما، وفي " المفيد " الصغيرة جداً لو جعل ذلك منها حيضاً به بالغة وتبقى أهلاً للتكاليف الشرعية، وهي غير صالحة، وفي " المحيط ": ابنة ثنتي عشرة إذا رأت الدم من غير داء فهو حيض عند بعضهم، وفيه الكبيرة العجوز لو رأت الدم في مدة الحيض فهو حيض كما رأته على الدوام كان حيضاً فانقطاعه بينهما لا يمنع حيضاً؛ لأن في إياسها به فمتي عاودها الدم كان حيضاً ولم تكن آيسة لما تبين من عود الدم، وزوجة الخليل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاضت وولدت وهي بنت تسعين سنة أو ثنتي وثمانين، وزوجة زكريا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولدت يحيى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وهي بنت ثمان وتسعين سنة، وكذا روي عن ابن عباس - رض الله عنهما. والإياس المبيح للاعتداد بالأشهر: أن لا تري الدم سن لا يحيض في مثله غالباً لا يقينا بدليل قوله: إن ارتبتم. وقال محمد بن مقاتل الرازي قاضي بغداد: حده خمسون سنة وما تراه بعده لا يكون حيضاً، وهو قول أبي عبد الله الزعفران، والثوري، وابن المبارك، واختاره أبو الليث، ونصر بن يحيى، وبه قال أحمد هذا إذا لم يحكم بإياسها، فإن حكم به ثم رأت الدم لا يكون حيضاً، قال في " المحيط ": وهو الصحيح؛ لأن الاجتهاد لا ينقض باجتهاد مثله؛ لأنه يجوز أن يكون الدم بعد ذلك فاسداً، وما نقل كان معجزة فلا يجود إلا على وجه الإعجاز.
وقيل: إن رأته سائلاً كما تراه في حيضها فهو حيض، وإن رأت بلة يسيرة لم يكن حيضاً بل يكون ذلك من نتن الرحم. وقيل: إن رأته أسود أو أحمر يكون حيضاً، وأصفر وأخضر لا يكون