للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يقر لرجل بألف أو يؤجر داره فأكره على ذلك بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس فباع أو اشترى فهو بالخيار إن شاء أمضى البيع، وإن شاء فسخه ورجع بالمبيع؛ لأن من شرط صحة هذه العقود التراضي. قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] (النساء: ٢٩) ،

ــ

[البناية]

أن يقر لرجل بألف أو يؤجر داره فأكره على ذلك) ش: أي على ما ذكر من البيع والشراء والإقرار والإجارة م: (بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس) ش: أراد به الحبس المديد، فإن حكم الحبس بيوم سيجيء م: (فباع أو اشترى) ش: أو أقر أو أجر ثم زال الإكراه م: (فهو بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه ورجع بالمبيع؛ لأن من شرط صحة هذه العقود) ش: أي البيع والشراء والإقرار والإجارة م: (التراضي، قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] (سورة النساء: ٢٩) .

ش: فإن قلت: الآية وإن أثبت الحرمة بدون الرضاء ولكن مطلق قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] يوجب الجواز بدون التراضي.

قلت: البيع لغة مبادلة المال بالتراضي، والأصل ورد الشرع على وفاق الحقيقة، ولأنه مخصوص محض بدون الرضا.

فإن قلت: هذا بمنزلة الشرط وأنه يقتضي الوجود عند الوجود أما لا يقتضي العدم عند العدم، كما في قَوْله تَعَالَى {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] (سورة النساء: الآية ٢٥) .

قلت: أول الآية {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] واستثنى منه التجارة بالتراضي، فيبقى غيره في صدر الكلام يوضحه أن المستثنى لما كان بصفة التراضي يكون المستثنى منه بخلاف التراضي وهو المكره، وهذا كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء» أي كيلا بكيل، فلما استثنى البيع الجائز مع الكيل علم أن المستثنى منه بيع المكيل أيضا، فصار، كأنه قال لا تأكلوا أموالكم بينكم بالتجارة الباطلة كرها، حتى تكون عن تراض فيكون الرضاء شرطا ولكن لا ينعدم به أصل البيع.

فإن قلت: ينبغي أن يكون البيع باطلا بقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] (سورة النساء: الآية ٢٥) .

قلت: المراد من قوله بالباطل أي بما لم تبحه الشريعة من نحو السرقة والخيانة والغصب والقمار وعقود الربا.

وقوله: عن تراض صفة التجارة، أي تجارة صادرة عن تراض، وخص التجارة بالذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>