للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نزل قول الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] (النحل: الآية ١٠٦) ولأن بهذا الإظهار لا يفوت الإيمان حقيقة لقيام التصديق، وفي الامتناع فوت النفس حقيقة فيسعه الميل إليه. قال: فإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا، لأن خبيبا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صبر على ذلك حتى صلب وسماه رسول الله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سيد الشهداء، وقال في مثله: «هو رفيقي في الجنة» .

ــ

[البناية]

الطمأنينة كما في قَوْله تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] معناه إن عادوا إلى الإكراه ثانيا فعد أنت إلى مثل ما أتيت به أولا من إجراء كلمة الكفر على اللسان وطمأنينة القلب بالإيمان، انتهى.

قلت: هذا صواب من الكل لأن مقتضى التركيب هذا على ما لا يخفى ولا نسلم أنه أمر من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بالتكلم بكلمة الشرك، بل هذا التشريع للمبتلى بالإكراه فكيف يفعل، لأن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مبين مشرع فافهم.

م: (وفيه) ش: أي وفي عمار بن ياسر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م: (نزل قول تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] (سورة النحل: الآية ١٠٦) ش: ذكر أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقصته أنه خرج مهاجرا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع جماعة، فأخذهم كفار مكة، وقالوا إنكم تريدون محمدا، وعذبوهم وأكرهوهم على الكفر فصبر بعضهم حتى قتل وتكلم عمار - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بما أكرهوه وقلبه مطمئن بالإيمان فخلوا عنه، فلما قدم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بذلك فنزلت الآية.

م: (ولأن بهذا الإظهار لا يفوت الإيمان حقيقة لقيام التصديق) ش: هذا دليل معقول وتقريره أن الإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان والتصديق هو الركن الأصلي، وهو قائم حقيقة والإقرار ركن زائد وهو قائم تقديرا، لأن التكرار ليس بشرط فلا يفوت الإيمان بذلك حقيقة م: (وفي الامتناع) ش: عن إتيان ما تهدد به م: (فوت النفس حقيقة) ش: فكان مما اجتمع فيه فوت حق العبد يقينا وفوت حق الله توهما م: (فيسعه الميل إليه قال: فإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا، لأن خبيبا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صبر على ذلك حتى صلب وسماه رسول الله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سيد الشهداء وقال في مثله: «هو رفيق في الجنة» .

ش: هذا الحديث بهذا الوجه لم يثبت وقتل خبيب في " صحيح البخاري " في مواضع وليس فيه أنه صلب ولا أنه أكره، ولا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سماه سيد الشهداء ولا قال فيه: وهو رفيقي في الجنة فأخرج البخاري في الجهاد عن عمر بن أبي سفيان الثقفي عن أبي هريرة قال: «بعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم

<<  <  ج: ص:  >  >>