للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لأن في سلب ولايته إهدار آدميته وإلحاقه بالبهائم وهو أشد ضررا من التبذير، فلا يحتمل الأعلى لدفع الأدنى، حتى لو كان الحجر دفع ضرر عام كالحجر على المتطبب الجاهل والمفتي الماجن

ــ

[البناية]

ش: فإن قيل: ينتقض هذا بالعبد فإنه مخاطب عاقل ويحجر عليه.

قلت: إنما قال إنه مخاطب، وهو مطلق، والمطلق يتصرف إلى الكامل، والبعد ليس بكامل في كونه مخاطبا لسقوط الخطابات المالية كالزكاة، وصدقة الفطر، والأضحية والكفارات المالية، وبعض الخطابات الغير مالية كالحج، والجمعة، والعيدين، والشهادات وشطر الحدود وغيرها. ولو قال لأنه مخاطب عاقل حر سقط الاعتراض.

م: (وهذا) ش: أي عدم الحجر م: (لأن في سلب ولايته إهدار آدميته وإلحاقه بالبهائم) ش: باعتبار قوله في التصرفات م: (وهو) ش: أي الحجر عليه م: (أشد ضررا من التبذير فلا يحتمل الأعلى) ش: الذي هو الحجر م: (لدفع الأدنى) ش: الذي هو التبذير م: (حتى لو كان في الحجر دفع ضرر عام كالحجر على المتطبب الجاهل) ش: وهو الذي يعالج الناس من الكتب من غير مراجعة على المشايخ ولا وقوف على غوامض الكليات، ولا معرفة بطباع الأدوية ولا تشخيص الأمراض العارضة كأبناء هذا الزمان الذين يتولون وظائف الحكمة ورياستها بواسطة المال وإعانة الظلمة.

م: (والمفتي الماجن) ش: وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده: والمفتي الجاهل وهما متقاربان، لأن ضررهما عام، وهو من مجن الشيء مجن مجونا إذا صلب وغلظ، وقولهم رجل ماجن كأنه أخذ من غلظ الوجه وقلة الحياء، وليس بعربي محض، قاله ابن دريد.

والمفتي الماجن الذي يعلم الناس الحيل الباطلة، مثل أن يعلم المرأة حتى ترتد فتبين من زوجها، ويعلم الرجل أنه يرتد فتسقط عنه الزكاة ثم يسلم ولا يبالي أن يحرم حلالا أو يحلل حراما يفسد على الناس دينهم، ولقد شاهدت بالديار المصرية طائفة قد تحلوا بحلية الفقهاء واستولوا على مناصب الأجل من العلماء بمخالطتهم الظلمة وأرباب الدولة ومشاركتهم إياهم فيما هم فيه من الفساد، وأعطوا لهم بما يطابق أغراضهم الفاسدة وبما يوافق أهواءهم الكاسدة فضلوا وأضلوا، ولقد قرع سمعي من بعض الثقات أن واحدا منهم قد أفتى لملك لهم كبير بإباحة الإتيان في مماليكه مستدلا بقول الله عز وجل {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] (النساء: الآية ٣) ، وآخر قد أباح شرب الخمر بمصر مستدلا بأنها لا تقذف بالزبد وهو شرط في الحرمة. وآخر أفتى بجواز السماع، والرقص، وسماع الملاهي مستدلا بلعب الحبشة في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحراب، والدرق، وبالجاريتين المغنيتين، ونحو ذلك مما ذكر عنهم من الترهات،

<<  <  ج: ص:  >  >>