للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجري على خلافه لسوء اختياره، ومنع المال مفيد لأن غالب السفه في الهبات والتبرعات والصدقات وذلك يقف على اليد.

ــ

[البناية]

بالعقل بهواه م: (والجري على خلافه) ش: أي وجري السفيه على خلاف ذلك م: (لسوء اختياره) ش: لا يعجزه، فكان قياس قادر على عاجز فلا يصح.

م: (ومنع المال مفيد) ش: هذا جواب عن قوله، ثم هؤلاء يفيد الحجر، يعني أن منع المال بدون الحجر مفيد م: (لأن غالب السفه في الهبات والتبرعات والصدقات) ش: دون التجارات م: (وذلك يقف على اليد) ش: أي لا يملك إلا بالقبض، فإذا لم يكن في يده شيء يمتنع عن ذلك، وإن فعل لم يفد.

فإن قلت: قول تعالى {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] (البقرة: الآية ٢٨٢) ، يدل على الحجر، لأنه تعالى جعل السفيه وليا عليه، فإذا كان عليه ولي كان موليا عليه، وكونه موليا عليه دليل أنه محجور عليه.

وروي عن عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أنه اشترى دارا بأربعين ألف درهم، وطلب علي من عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن يحجر عليه، فشارك الزبير بن العوام، فلما بلغ ذلك عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير بن العوام، وإنما علل بهذا؛ لأن الزبير كان مجتهدا في التجارة، فلو كان هذا عيبا لما شاركه الزبير، فطلب علي، وتعليل عثمان، واحتيال عبد الله بهذه الحيلة يدل ذلك على منعهم الحجر على الحر، ولم ينقل عن غيرهم خلافا فكان إجماعا.

وحدث أبو عبيد في غريب الحديث بإسناده إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه خطب الناس فقال: ألا إن الأسينع أسينع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال سابق الحاج، أو قال سبق الحاج فأدان معرضا فأصبح قد دين به فمن له عليه دين فليغد بالغداة فلتقسم ماله بينهم بالحصص، فهذا دليل أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حجر عليه بسبب الإفلاس وباع ماله من غير رضاه.

قلت: الجواب عن الآية أن الله تعالى جوز المداينة مع السفيه كما جوزه مع المصلح، هذا يدل على أن السفيه لا يوجب الحجر، ويقال إن السفيه هاهنا هو المجنون والصغير وعليه كثير من أهل التأويل وذلك بانعدام العقل أو نقصانه، وكذا يحمل السفيه في قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] فيسقط به الاحتجاج أيضا في الحجر، والمراد نهي الأزواج عن دفعه المال إلى النساء وجعل التصرف إليهن كما كانت العرب تفعله، ألا ترى أنه قال أموالكم وذلك يتناول المخاطبين بهذا المعنى لا أموال السفهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>