وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا ينفذ. والأصل عندهما أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه الحجر وما لا فلا؛ لأن السفيه في معنى الهازل من حيث إن الهازل يخرج كلامه لا على نهج كلام العقلاء، لاتباع الهوى ومكابرة العقل لا لنقصان في عقله، فكذلك السفيه والعتق مما لا يؤثر فيه الهزل فيصح منه.
ــ
[البناية]
- رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا، ولم يحضر قولهما بالذكر احترازا عن قوله لأن عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - الحكم قبل الحجر وبعده سواء في نفاذ تصرفات المحجور بسبب السفه؛ لأنه تأثير للحجر عنده، بل احترازا عن قولهما في سائر التصرفات التي يؤثر فيه الحجر كالبيع والشراء والإقرار بالمال.
وعن قول الشافعي حيث قال: م: (وعند الشافعي لا ينفذ) ش: وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو قياس قول مالك؛ لأن تصرفات المحجور عليه غير نافذة م:(والأصل عندهما) ش: أي الأصل في هذا الباب عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله م: (أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه الحجر، وما لا فلا) ش: أي وما لا يؤثر فيه الهزل فلا يؤثر فيه الحجر.
م:(لأن السفيه في معنى الهازل) ش: لا من كل وجه م: (من حيث إن الهازل يخرج كلامه، لا على نهج كلام العقلاء) ش: أي لا على الطريق الواضح، وهو بفتح النون، وسكون الهاء، وأما النهج بتحريك الهاء فهو البهر، وهو تتابع النفس، وهو من باب علم يعلم م:(لا تباع الهوى، ومكابرة العقل) ش: أي لأجل اتباعه هوى النفس وتعاليه العقل، لأنه يقصد اللعب دون ما وضع له الكلام م:(لا لنقصان في عقله، فكذلك السفيه) ش: يعني لا يخرج الهازل كلامه على نهج كلام العقلاء لاتباع الهوى ومكابرة العقل.
م:(والعتق مما لا يؤثر فيه الهزل فيصح منه) ش: أي من السفيه، وفيه بحث من أوجه:
الأول: أن السفيه لو حنث في يمينه وأعتق رقبة لم ينفذه القاضي، وكذا لو نذر بهدي أو غيره لم ينفذه، فهذا مما لا يؤثر فيه الهزل، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد» ، وقد أثر فيه الحجر بالسفه.
والثاني: أن الهازل إذا أعتق عبده عتق، ولم يجب عليه سعاية، والمحجور بالسفه إذا أعتقه، وجب عليه السعاية فالهزل لم يؤثر في وجوب السعاية، والحجر أثر فيه.
والثالث: أن التعليل المذكور إنما يصح في حق السفيه لا في حق الهازل، والصحيح فيه