أراد باليد الملازمة وباللسان التقاضي. قال: ويأخذون فضل كسبه يقسم بينهم بالحصص لاستواء حقوقهم في القوة. وقالا: إذا فلسه الحاكم حال بين الغرماء وبينه إلا أن يقيموا البينة أن له مالا، لأن القضاء بالإفلاس عندهما يصح فيثبت العسرة ويستحق النظرة إلى الميسرة. وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يتحقق القضاء بالإفلاس، لأن مال الله تعالى غاد ورائح؛ ولأن وقوف الشهود على عدم المال لا يتحقق إلا ظاهرا
ــ
[البناية]
دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا» م:(أراد باليد الملازمة، وباللسان التقاضي) ش: وليس المراد باليد أن يتطاول عليه بيد، ولا باللسان بأن يؤذيه بالكلام الفاحش. وجه التمسك به أنه مطلق في حق الزمان فيتناول الزمان الذي يكون بعد الإطلاق عن الحبس وقبله.
م:(قال: ويأخذون فضل كسبه يقسم بينهم بالحصص) ش: أي يأخذ كل واحد منهم بقدر حصته من الدين، هذا إذا أخذوا فضل كسبه بغير اختياره أو أخذه القاضي وقسمه بينهم بدون اختياره. وأما المديون ففي حال صحته لو آثر أحد الغرماء على غيره بقضاء الدين باختياره له ذلك، نص على ذلك في فتاوى النسفي. فقال: رجل عليه ألف درهم لثلاثة فقر لواحد منهم خمسمائة ولآخر منهم ثلاثمائة ولآخر منهم مائتان وماله خمسمائة فاجتمع الغرماء فحبسوه بديونهم في مجلس القاضي كيف يقسم أمواله بينهم، قال: إذا كان المديون حاضرا فإنه يقضي ديونه بنفسه وله أن يقدم البعض على البعض في القضاء ويؤثر البعض على البعض لأنه يتصرف في خالص ملكه ولم يتعلق به حق أحد فيتصرف فيه على حسب مشيئته، وإن كان المديون غائبا والديون ثابتة عند القاضي يقسم المال بين الغرماء بالحصص، إذ ليس للقاضي ولاية تقديم بعضهم على بعض م:(لاستواء حقوقهم في القوة) ش: أي لاستواء حقوق الغرماء في قوة الثبوت فلا يترجح البعض على البعض م: (وقالا: إذا فلسه الحاكم) ش: بتشديد اللام، أي قال أبو يوسف ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا حكم القاضي بإفلاس المديون وإعساره م: (حال بين الغرماء وبينه إلا أن يقيموا البينة أن له مالا، لأن القضاء بالإفلاس عندهما يصح فيثبت العسرة، ويستحق النظرة إلى الميسرة) ش: كما لو كان دينه مؤجلا، وبه قالت الثلاثة.
م:(وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يتحقق القضاء بالإفلاس؛ لأن مال الله غاد ورائح) ش: أي آت وذاهب، وكم من غني يمشي في مال جزيل ويصبح فقيرا، وكم من فقير يمسي ويصبح غنيا م:(ولأن وقوف الشهود على عدم المال لا يتحقق إلا ظاهرا) ش: إذ لا وقوف لهم على الحقيقة.