لأن الإسقاطات لا تتوقت، ثم الإذن كما يثبت بالصريح يثبت بالدلالة كما إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا عندنا، خلافا لزفر والشافعي رحمهما الله.
ــ
[البناية]
وأما المستأجر والمستعير فإنه يتصرف في محل هو ملك الغير بإيجاب صاحب الملك له وإيجابه في ملك نفسه يقبل التخصيص فافهم م:(لأن الإسقاطات لا تتوقت) ش: كالطلاق والعتاق وتأجيل الدين وتأخير المطالبة، إذ الساقط يتلاشى م:(ثم الإذن كما يثبت بالصريح يثبت بالدلالة كما إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا عندنا خلافا لزفر والشافعي رحمهما الله) ش: ومالك وأحمد هذا من باب بيان الضرورة وقد عرف في الأصول.
قالوا السكوت محتمل الرضاء وفرط الغيظ وقلة الالتفات إلى تصرفه لعلمه بكونه محجورا، والمحتمل يكون حجة.
قلنا: جعل سكوته حجة؛ لأنه موضع بيان إذ الناس يعاملون العبد حيث علمهم بسكوت المولى ومعاملتهم قد تفضي إلى لحوق ديون عليه وإذا لم يكن مأذونا تتأخر المطالبة إلى ما بعد العتق وقد يعتق وقد لا يعتق. وفي ذلك إضرار للمسلمين بإيتاء حقهم ولا ضرار في الإسلام، وليس للمولى فيه ضرر يتحقق؛ لأن الدين قد يلحقه وقد لا يلحقه، فكان موضع بيان أنه راض به، والسكوت في موضع الحاجة إلى البيان بيان.
فإن قيل: عين ذلك التصرف الذي رآه من البيع غير صحيح، فكيف يصح غيره، وكذا إذا رأى أجنبيا يبيع من ماله وسكت لم يكن إذنا فما الفرق؟. أجيب بأن الضرورة في التصرف الذي رآه مستحق بإزالة ملكه عما يبيعه في الحال فلا يثبت بسكوته، وليس في ثبوت الإذن في غير ذلك لما قلنا إن الدين قد يلحقه.
ولا يلزم من كون السكوت إذنا بالنظر إلى ضرر متوهم كونه إذنا بالنظر إلى متحقق وهو الجواب عن بيع الأجنبي ماله وفي الرهن لم يكن سكوته إذنا؛ لأن جعله إذنا يبطل ملك المرتهن عن اليد، وقد لا يصل إلى يده من محل آخر، فكان في ذلك ضرر محقق، لا يقال الراهن أيضا يتطور ببطلان ملكه عن الثمن فترجح ضرر المرتهن تحكم؛ لأن بطلان ملكه عن الثمن موقوف؛ لأن بيع المرهون موقوف على ظاهر الرواية وبطلان ملك المرتهن عن البديات فكان أقوى.
وأما الرقيق عبدا كان أو أمة إذا زوج نفسه فإنما لم يصر السكوت فيه إذنا قال بعض الشارحين ناقلا عن " مبسوط شيخ الإسلام "؛ لأن السكوت إنما يصير إذنا وإجازة دفعا للضرر على أحد في نكاح العبد والأمة؛ لأن النكاح يكون موقوفا؛ لأن نكاح المملوك المولى لما فيه من إصلاح ملكه ومنافع بضع المملوكة كذلك، وليس لأحد إبطال ملكه بغير رضاه فكان موقوفا وأمكن فسخه فلا يتضرر به أحد.