أو حديدا فاتخذه سيفا، أو صفرا فعمله آنية، وهذا كله عندنا.
ــ
[البناية]
وإذا غصب حنطة فطحنها فإن أبا حنيفة، ومحمدا قالا: لا سبيل لرب الحنطة على الدقيق.
وكذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعلى الغاصب الحنطة التي غصب، وقال ابن سماعة عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يأخذ المغصوب منه الدقيق مكان الحنطة، لكن أبيع الدقيق، واشتري له حنطة مثل حنطته وهو أحق بذلك من جميع الغرماء إن مات الغاصب؛ لأنه شبه وهو أحق به من غيره، ولذلك لو غصب دقيقا فخبزه أو غزلا فنسجه أو قطنا فغزله ونسجه فهو مثل ذلك يباع له ذلك فيعطى مثل قطنه، ومثل طعامه إن أبى الغاصب أن يدفع إليه ذلك.
وروى ابن سماعة عنه في موضع آخر أن رب الحنطة بالخيار إن شاء ضمنه حنطة مثل حنطته ودفع إليه الدقيق، وإن شاء أخذ ذلك الدقيق وأبرأ الطاحن؛ لأن متاعه بعينه. قال: خالف أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في هذا وجعله بالخيار على ما وضعت، وكذلك إن وهبه الغاصب أو باعه أو تصدق به، فإن ذلك كله باطل، ولرب الطعام أن يأخذ شيه بعينه.
وكذلك لو غصبه لحما فشواه أو طبخه، وكذلك لو غصبه سمسما أو زيتونا فعصره، وكذلك لو غصبه ترابا فلته أو طبخه آجرا أو اتخذ منه آنية الخزف، أو جعله جهبابا قال فإن لم يكن للتراب ثمن فلا شيء عليه ولا بأس بأن ينتفع به.
فإن غصب طعاما فزرعه فإن عليه مثله في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وتصدق بفضله، وفي قول أبي يوسف لا يتصدق بفضله، ولا بأس بأن ينتفع به قبل أن يرضى صاحبه وكذلك نوى غرسه واتخذ منه نخلا فهو ضامن لقيمته.
قال: وكذلك صنوف الشجر، انتهى كلام الكرخي.
وكذلك لو غصب بيضا فحضنه فصار دجاجا أو غصب زيتا فجعله في بزر له كثير فغلب عليه البزر فصار بزرا، أو غصب عصفرا فصبغ به فلا سبيل لصاحب هذه الأشياء على شيء مما ذكرناه، ولكن يضمن الغاصب حق الذي غصبه إياه، ولا شيء له من ذلك.
م:(أو حديدا فأتخذه سيفا، أو صفرا فعمله آنية) ش: أي أو غصب حديدا فاتخذه سيفا، أو غصب صفرا فعمله آنية، والصفر بالكسر.
قال أبو عبيد: الصفر بكسر الصاد وهو الذي يعمل منه الأواني.
قلت: هو نوع من النحاس وهو الأصفر في لون الذهب م: (وهو كله عندنا) ش: يعني زوال تملك المالك وتملك الغاصب وضمانه عندنا.